# . َك شي - ب الدكورت1 وح سين أنعكاذا تار الجسلايجء! باو ساعد

اه الترسية . عاممة ايع م باب

وابتصار

- يد “يه يدا ب . 3 ا 7 هد ©

50 لتر 7 1 مترائرا هي لرا| ع 0 ل إدالأغلي

وار 1 ب “اس 3 - نعلت - . لي ظ على أن سي كك 7 4 اليك اا الداطيين

لقوو. ( فا وكام الطَبْعَةا لأوك

17 اه . لاكؤام

موافانة دائرة المطبوعات والبشر رقم الاجازة السلسل 145/11/1145م

: أرة5ة - علو سو عسون : أفريقية في ععسر الاعير ايرأفيسع

الثاني الاغلبي : قراعة صديدة

:1 لأس العاريس والجمغراقيا : د أفريقيا ‏ تاريخ

وقسسسام اهتداع : اوس راك الكتُسيييسييسر :3 »‏ تم اعداد بيانات الفهرسة الاولية من قبل دائرة المكتية الوطنية

ااام له عمات : دار ععمار للتشضر

الآردن .عنمان ‏ سوق البساراء .- قري المسامع المسيقي .دب 5543 هاتعلب 185149

الطايسوبن

#صعيت خ مك ا لالط دابع التواوتركعر هاتف 797171937 ب فاكس 17+ من 321 . شمان 3١4‏ ؤ1؟! الأردن

وعمتزا لاميّرا باهي ةدا لأعلي فاج جرب 11 2 42 فورّاءات 5اة الدّاطيئئن

دك مي ار ب“ 5

أن ل مدوم ف

أنسكاذا لتر لجسلا يى وعمسا ساعد سكاية امترسة - جام سابع مر [بيلب.

كنتب عربى اانا نالف )بعر كرع ل9 )مل ب19ع ( “لتسسر_أهت 1 هشتبة الأسلنصربة

رقم التسجيل ٠‏ »© - م واتصأر

اعت الل قم اوفط نه شعن 11 10 لهاة

بسم أله ليحن التَسصِم مقدمة

الحمد لله رب العالمين؛ والصلاة والسلام على البشير التنذير محمد بن عيذألله لمي الهدى والرحمة؛ وفعي .

فإن المتتبع لمسيرة التاريخء يلاحظ دون كبير عناءء أنَّ من بين مَنْ من التقدير والتكريم؛ ومنهم من وقع ضحية ظلم متعمّد نتيجة لظروف معينة مرت بهء لم يكن له فيها خيارء» فامتدت يذ العبث الظالمة إلى سيرته» فشوّعتها إلى حدٌّ كاد يفي الحقيقة ويطمس معالمها.

وكان من بين هؤلام الذين ظلموا روراً وبهتاناً: أجل البارزين من حكام العرب والمسلمينء وهو الأمير إبراهيم الثاني الأغلبي» الذي يعتير من أعظم حكام دولة الأغالبة التي قامت في إفريقية في أواتحر القرن الثاني للهجرة (مطلع القرن التاسع للميلاد)»: وامتدٌ عهدها إلى ما يزيد عن القرن حيث قضى عليها الفاطميون وأقاموا دولتهم على أنقاضها.

وقد -حفظ لنا التاريخ العديد من مآثر ومفاخر هذه الدولة التي وقفت تَصارِمٌ القوى المعادية في الداخل والخارجء ونبني بيك » وتدافع بأليك الأخرى عن مأ حققته من إنجازات» وأعادت الهدوء والاستقرار إلئ معظم أرجاء المغرب العربي الذي كان قد ساده الاضطرابٌ مئذ أواخخر العصر الأموي» وازدادت حدّته في مطلع العصر العباسي حتى أقض مضجع

الخلقاء العباسيين الأول .

كما كان لها دور كبير في الحفاظ على عروية المغرب وحماية منجزات حركة الفتوحات العربية الإسلامية في نواحيهء وترسيخ أركان الإسلام في ربوعهء والإبقاء عليه نقيّاً من البدع» بعد أن أصبح المغربُ تربة صالحة لها منذ أواخر العصر الأموي لبعده عن مركز الخلافة» ثم المضي قَدّماً في التبشير بهذا الدين الحنيف» وإيصال نوره إلى الشعوب الأوروبية التي كانت ترزخ تحت وطأة ظلمة العصور الوسطى باستتناف حركة الفتوحات التي كانت قل خترت هم في الغرب» 2 ثم الوقوف في وجه العدوين اللدودين للوسلام والمسلمينء الإمبراطورية البزنطية» والحركة الصليبية» اللَّذِين كانا يعملان بكل ما أوتيا من قوة للقضاء على الإسلام في المغرب العربي» وإعادته إلى حظيرة المسيحية .

به نه

كان الأمير إبراهيم الثاني الحاكم التاسع من -حكام هذه الدولة الأحد عشرء وقد تولى الحكم في وقت كأن فيه الضعف قد سرى في جسدهاء وتطكق الفسادٌ إلى أجهزتهاء فاخجلّت أوضاعهاء فحارب هذا الفسادٌ بكافة أشكاله» وأشاع العدل والطمأنينةقء» وأعاد الأمن والاستقرار إلى البلاد وبعث في الدولة روح جديدة بما قام به من إصلاحات شملت مختلف الأصعدةء فسطعت بجهوده شمسنٌ نهضة شاملة في إفريقية ة كما يظهر ذلك بوضوم في هله الدراسة.

وبدلاً من أن ترفعه أعماله الجليلة هذه إلى مصافٌ حكام العرب والمسلمين العظام» إذا به يتعرض لحملة ظالمة من النقد اللاذع والتشويه المتعمد شنّها عليه دعاة الدولة الغاطمية» ومن كان في سخدمتها من المؤرخينء وحتى من نقل عنهم من المؤرخين اللاحقين» ليس لذنب جتاهء وإنما لأآن حظه العاثر شاء أن يشهد عهده وصول أبي عبدالله الشيعي

داعية الفاطميين الأكبر إلى إفريقية» والعمل متذئذ على الدعوة للفاطميين» فاستهلٌ نشاطه بنشر المزاعم والأباطيل التى تشوه هذا الأميرٌ في نظر رعاياه لإثارتهم ضده وتأليبهم عليهء وبالتاليى اجتذابهم لدعوتهء وسار بقية دعاة الفاطميين على نهجه في شن هذه الحرب الدعائية المجائرة.

ولكن الحقيقة مهما لقّها الضباب» وأسدلت عليها الستائر والحجب لإخشائهاء لا بدّ لها من أن تظهرء وإنْ طال عليها الزمن» وهو ما حاولته في هذه الدراسة التي كنت قد أعددتها أصلاً كبحث لينشر في إحدى المجلات العلمية وليس في كتاب مستقلء أقول: -حاولت أن أصل فيها إلى الحقيقة التاريخية دون تعصب أو تحيزء فيدأتها بدراسة جهود هذا الأمير في مختلف الاتجاهات» وختمتها بتقييم ششخصيته كمأ بدت لي في ضوء مقابلة الروايات التي أوردتها مختلت المصادر التاريخية التي تعرضت لسيرته .

والله ولي التوفيق

ا ممدوح سين

تاأجاع ومزز -[أم مبحبايي 3

مداخل تأريعخي :

إفريقية بمدلولها التاريخي (تونس): زمردة الغرب الإسلامي؛ وواسطة عقد أقطار المغرب العربي» قطعة من الجنة هي» لم يعد الحقيقة مَنْ وصَفها بالخضراء» فمروجها تمتد وتمتد كبساط سندس لا نهائي حتى 3 ذهب الشطوط في انسجام نادر المثيل» ونسماتها الرقيقة المثقلة بأريج الزهور تداعب أفنان مغائيها بحنو فتميسسن معها كقدود الحور: وتبعثٌ الدشوةٌ في الطيور قتنطلق معْرّدة في تُسبيعج عتواصل شاكرة الخالق جل جلاله على ما وهبء ولجين جذاولها الرقراقة ينساب عازفاً على در خصاها لحناً خالدا أعذب من أنخام الأوتارء وبحرها اللازوردي يصافم شطائها الحالمة في مودة فيغرقان معاً في انسجام أبدي يستررجعان ما شهداة من حوادك على مَنّ العصور» و-جمالها الشمأت التي تلثم السحب جبيتها في إجلال وإكبار تقف شامخة وتأبى كأهلها الانحناء للعواطف في كبرياءء تتداخل الألوان في ربوعها وتتمازج في تناسق فريد فتشكل لوحة فنية

رأئعة.

وأيئما سار المرءٌ في جتباتها صافح بصره أثار الأولء فيجول في تخاطره مأضيها العريق الموغل في القدم» عقر أمبرأطوريات كانت) ومطمع غرزاة» ومعحط أنظار فاتحين:ء عن فنيقيين: وقرطاجنيينء ورومان: ووندال» وبيزنطيين» تعاقبوا على أرضهاء موجات منهم أتت وانسرت». لفظت الغزاة الدخلاء واحتضنت المسالمين»: وبقيت أبيّة معطاءة تمتد يدها بالخير في مختلف الاتجاهات» وتشارك في بناء صرح حضارة البشرية بدور فعال .

وتسهم في خخير الرنساث بنصيب وافر.

حتى كان الفتح الإسلامي: فاتتظمت في سلك البلاد التي أظلّها الإسلام بظلهء ومع أن استقرار هذا الفتتح فيها استخرق هدة طويلة تسبياً إذا ما قورنت بالعديد من أقطار العالم الإسلامي نتيجة لمقاومة البيزنطيين أولاً: ثم لمؤامراتهم التي كانوا ينسجونها مع عملائهم فيها لاستمرار هذه المقاومة» إذ صعب عليهم فقدانها لأنها كانت في نظرهم إحدى كبريات الجواهر في تاج إمبراطورهمء إلا أنها منذ ذلك الاستقرار أصبحت مقر قيادة المغرب الإسلامي» تخرج منها جيوش الفتح لنشر رسالة الإسلام في

أوروبا.

وكان من الطبيعي ما دام هذا هو وضعها أن تصبح من أكثر بلاد الإسلام تأثراً بمجريات الأمور في مركز الخلافة» فنظراً لإمكانياتها الوافرة وقدراتها الكبيرة»: وبعدها نسبيا عن هذا المركز» وقرب عهد أهلها في الإسلامء أصبحت تربة صالحة للدعوات المئاوئة للخلافة» فتعددت فيها الأهواء والأسوزاب والمذاهبء وبالتاليى كثرت فيها المشاكل والفتن والحركات الانفصالية منذ أواخر العصر الأموي» وزاد في حدة هذه الحركات بعد ذلك انشغال خلفاء بني العباس الأول عن الغرب بما واجهوه من متاعب في الشرق» الأمر الذي أبقى الوضع فيها يميل إلى عدم الاستقرار بالرغم من أن أولتك الخلفاء كانوا يتخيرون ولاتها من بين أكفأ رجالات دولتهم كالأمراء المهالبة وهرئمة بن أعين ونظرائهم» إلى أن. أسند الرشيد ولايتها لإبراهيم بن الأغلب التميمي سنة 84١ه/‏ ١٠86م‏ فبدأ فيها مذ ذاك عهد

كان إبراهيم بن الأغلب يتمتعم بشخصية قويةء وكفاءة إدارية عالية» وثقافة ممتازة؛ فضلا عن خبرة وأسعة في شؤون إفريقية» فانعكس كل ذلك

على ولايتهء فتتبع مثيري ألقتن والفساد وقضى عليهم» ووضع الحلول للمشاكل التي استحصت على هن سبقه» وامتدت يذه بالإصلاح إلى مواضع الضعف والاختلال فاستقامتء وبعد أن مهد الأمور استائف سحركة المجهاد التي كانت قد فترت» ودفع بالحركة الحضارية فيها خطوات واسعة إلى الأمام» ويذلك أرسى قواعد دولة فتية تأخذ بأسباب القوة والرقي توارث حكمها بئوه وأحفاده من بعده.

وسار خلفاؤه على نهجه في بذل جهودهم في هذا الاتجاهء» مما جعل الدولة الأغلبية تحتل صفحة مثيرة في تاريخ الإسلام وإمجاده في العصور الوسطىء فقد سجل شعب إفريقية في عهدها الذى زاد عن القرنث (سنة كماه 3 55أاها / دم سس 6م00 صفحة نحالدة في تاريسم اللجهاد والفتوحات الإسلاميةء وأسهم بنصيب وافر في صنع الحضارة العربية الإسلامية ونشرها في الغرب الأوروبي» فكان أثرها في كلا الاتجاهين أعمق بكثير من أثر الدول المعاصرة لها في المغرب العربي: كدولة الأشراف الادراسة في المغرب الأقصى ودولتي الخوارج المدرارية (الصغفرية) في جنئوبة؛ والرستمية (الإباضية) في المغرب الأوسط .

ويكفي هله الدولة فخراً أنها كانت هي التي استأئرت بشرف فتح -جزيرة صقليةء وبذرت فيها منذقل بذرة الحضارة العربية الإسلامية المباركة. وتعهدتها بالعناية والرعاية حتى اشتد ساقها ثم أتت أكلها مما جعل من تلك الجزيرة مركرا هاما من مراكز هذه الحضارةء بل وأهم معبر لها إلى غرب أوروبا بعد الأندلس» وأما أرض إفريقية نفسها فقد شهدت في ذلك العصر نهفضة فكرية وعلمية وأدبية وعمرانية وفنية واقتصادية واسعة النطاق » عي في حقنيقة الأمر جزء هام من النهضة الإسلامية الشاملة التي إزدهرت في ربوع العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي).

١١

وقد ساعد على هذة النهضة عوامل عديدةء أهحمها أصالة المحضارة ورسوخخها في إفريقية وعمق جذدورها فيهاء وقدرات شعبها وطاقاته الكبيرة المتعددة» وموقعها الجغرافي الهام إلذئ سه لهأ الاتصال بخيرعا في كاقة الاتيجاهات سلمأ ومحري لا سيما بالمراكز الحضارية على مر العصور» وكثرة خيراتها وطيب أرضها واعتدال مناخهاء ثم الاهتمام البالغ لأمراتها الأغالبة ودواله أستعقتأعم برعاية هذه النهضة على كدر م وإث- الظروف اديه متهيو جحو ! العتلمام والأدياء المتواجدين في دولتهم أو النأزحين إليها مشتي الوسائل والأسائيب.

ومن بين أمراء الأغالبة كان الأمير إبراهيم الثاني أكثرهم اهتماما بالنهوض بالحركة الحضارية في أفريقية وأعمقهم أثرا فيهاء فبالرغم من الأخطار والمشاكل التي واجهها طوال سنن حكمف بذل من الجهود في هذا الاتجاهء ما جعل هذه السركة تنتقل نقلة كبيرة تبز افيها نظيراتها ليس في المغرب الإسلامي فحسب؛ وإنما أيضا في بعض أقطار المشرق» إلى حد أن عاصمته غدت صورة مصغرة لبغداد حاضرة الدنيا اتذاكء ومما يوضح أهمية هذه النقلة ويلقي مزيدا عن الضوء على أبعادها أنها تمت بعد فترة ركود ملحوظ هي عهد سلفه أبي الغرانيق من ناحيةء وأنها -حدثت في وقت تعددت فيه المراكز الحشارية في شرق العالم الإسلامي وغريهء وليس ذلك فحسب» وإنما تعددت في القطر الواحدء ثم منافسة كل مثها للمراكز الأخرى على مكانة الصدارةء» مما يؤكد أنه لولاا ضخامة هذه الجهود لما تمكنت إفريقية من الوصول إلى المكانة السامية التي تبوأتها بين هذه المراكز من ناحية ثأنية .

وقد قام بالمقابل بجهود سياسة وإدارية وعسكرية كبيرة لا تقل أحمية عن جهوده في النبهوض بالحركة الثقافية» وألتي تمكن بها من إنتقاذ الدولة

١ ؟‎

الأغلبية من الأخطار الداخلية والخارجية التي أحدقت بها وكادت أن تقضي عليها أكثر من مرةع فمنحها بذلك عمراً جديداًء كما أنه وفر لها ما كانت بحاجة ماسة إليه من الأمن والاستقرارء اللذين لولاهما لما كتب لجهوده الحضارية النجامحء وكلا هذين الأمرين يؤديان بنا إلى ضرورة التعرضص لعهده بمزيد من الببحث والدراسة لإلقاء قدر من الضوء على جوانب مئه نرى أنها لم تحظ بما تستحقه من عناية الباحثين.

أصتلاه بر أهيم سادة الحكم :

تولى الأمير إبراهيم الثاني الحكمء والذي عرف في التاريخ بالأصغر تمييزاً له عن جذه إبراعيم بن الأغلب مؤسس الدولة الأغلبيةء في جمادى الأولى سنة ١الاه‏ / 4084م خلفا لأخيه محمد بن أحمد الملقب بأبي الغرانيق» فكان الحاكم التاسع من حكام هذه الدولة الأحد عشرء وتفيد الروايات التاريخية أن الدوئة الأغلبية كانت وقتثذ قد أرهقتها المتأعب سواء في الداخل أو في الخارج»ء وتردت أوضاعها إلى حد بات يئذر بالخطرء وكان لأبي الغرانيق اليد الطولى في ذلك لانغماسه: في اللهو والشراب والصيد وانشغاله بها عن أمور الدولةء فانتقضت عليه بعض الأقاليم مثل إقليم الزاب المتاخم للرستميين الذي شهد اضطرابات خطيرة خاصة بعد انتصار قبائل البربر المتمردة في بلاد هوارة على قائذه أبي خفاسة محمد بن إسماعيل الذي كان قد أرسله إلى ذلك الإقليم على رأس جيش كبير لوعادة الاستقرار إلى ربوعه» وليس ذلك فحسب» وإنما نتيجة لذلك الانتصار بدأ خطر الاضطراب يهدد النواحي المسجاورة.

وكانت صقلية وما يتبعها من أراض أوروبية تشهد وقتئذ أيضاً فتنة كبيرة بين العرنب والبربرء مما أضعف موقف المسلمين فيها وشخلهم عن عدوهم الذي أخمل يستعجمعم كوأه ويتأهب للانقضاضص عليهمء أي أن ذلك لم يقد

ذا

إلى ختبو -جذوة الجهاد في جنوب غرب أورويا فحسب» وإنما يهدد الوجود الإسلامي ذاته في تلك المنطقة . واحتدم الخلاف في إفريقية ذاتها بين فقهاء المالكية الذين كأنوا يمثلون الغالبية العظمى من علمائها ومركزهم الرئيسي القيروان بطبيعة الحال» والأحناف الذين كانوا قلة إلا أنهم يتمتعون بدعم الدولة التي اتخذت من الحئفية مذهبا رسميا لها أسوة بدار الخلافة» وزاد في هذا الخلاف موقفف الفريقين من مقولة المعتزلة بخلق القرآن» ثم لم يلبث أن دب الخلاف بين تلاميل الإمام سسحئون من المالكية على مسألة الإيمان نتيجة لتأثير نظريات المعتزلة»ء وهكذا انقسم المالكية على أنفسهم إلى حزبين متنافسين (الممحمدية أو السسحنونية) نسية إلى محمد بن سحنون الذى تزعمه (والعبدوسية) نسبة لابن عبدوسء وانبرى كل منهما للدفاعم عن موقفه ويأخذ على الأخر الماخذ مما جعل هذا الخلاف يتطور إلى نزاع أكثر من مر#'؟ لا يتوقف عند المناظرة والجدل الفكري بل يدحل العامة طرفاً فيه بين هؤيد ومعارض . ولت خزانة الدولة من الأموال بسبب إسراف أبي الغرانيق في العطايا والإنفاق على ملذاته»ء دون أن يهتم بتدمية موارد الدولة سواء بتشجيع العجارة والصناعة والرراعة لزيادة الخراج والعشور المتحصلة منها فضلاً عن موود الخنائم لفتور حركة الجهادء وقد بلغ من إسرافه أنه بسبب هوايته للصيد لقب بأبي الغرانيق لأنه كان يهوى صيد هذ! النوع من الطيورء ينى قصرا في موضع السهلين خصيصاً ليخرج منه لصيدها أنفق فيه ثلاثين ألف () أنظر د. زغلول عبد الحميد: تاريخ المغرب العريبي: ج ا ص ٠١8‏ وما بعدهاء كذلك القاضي عياض : تراجم أغلبية مستخرجة من المدارك» تحقيق د. محمد

الطالبي ص 186-144 الدياغ: معالم الإيمان ج ١‏ ص 1١78‏ وما بعدها.

١

معقال من الذهب"' » وهو مبلغ عظيم بالنسبة لقيمة العملة في ذلك العصرء وهكذا بدد الأموال حتى أن الأمير إبراهيم حينما تولى الحكم لم يجد عو وإخخوته في بيت المال شيئاً يذكر"©.

ومما زاد في سوء الوضع أنذاك: إصابته بمرض عضهال عانى منه مدة طويلة قبيل وفاته حتى لقب بالميت”"» فضلاً عن انتشار مجاعة كبرى في سنة +56كه/ "الام أي قبل وفاته كانت من السوء والخطورة بحيث عمث المغرب العربي بل والمشرق أيضاء وأعقبها انتشار طاعون جارف أودى بحياة آلاف البشر؟؟» فكان لا بد في ظل هذه الأوضاع أن يختل الأمنء وينأى الاستقرار وتضطرب البلادء ويكثر اللصوص وقطاع الطرق» ويتتشر الفساد ليس في طول البلاد وعرضها فحسب» وإنما يتسرب أيضاً إلى أجهزة الدولةء وفي ذلك يقول ابن خلدون واصفاً عهد أبي الغرائيق: (وكان في أيامه حروب وفتن).

وكان العالم الإسلامي في ذلك العصر قد فقد وبحدته السياسيةء وتمزق إلى دول متعددة» منها مأ قام على دعوات متاهضة للشلاقة العباسية وبالتالى كانت مناوثة لها مثل دولة الأشراف الأدارسة ودولتي الخوارج الآباضية والصغرية في المغرب العربي فضلاً عن دولة الآمويين التي قامت قبل ذلك في الأندلس» ومنها ما أنشأها مؤسسوها ببحد سيوفهم» ولم يعد

.1١5 ابن عذاري: البيان المغرب في آخبار الأتدلس والمغرب ج! ص‎

(؟) ابن عذاري: المصير السابق ج١‏ ص4١1.‏

د. سعد زغلول عبد الحميد: المرجع السابق ج؟ ص؟١1.‏

0 أبن عذاري: المصدر السابق ج1١‏ من .1١‏

(8) ابن خخلدون: العبر ج4 م١250‏ أنظر كذلك إبن عذارى: المصدر السابق ج١‏ ص98١١‏ .

م ؟

يربطها بالخلافة العباسية إلا تبعية إسمية» مثل الدولة الأغلبية نفسها في إفريقية » والدولة الطولونية في مصر وجزء من بلاد الشام» وأما اللخلافة العباسية ذاتها فكانت قد دخلت في طور الاضمحلال في ظل نفوذ الأتراك» وحكام هكذا شأنهم اعتمدوا القوة في تأسيس دولهم وفي إدارتهاء لم يكن بردعهم عن الاعتداء على جيرانهم لتوسعة دولهم تلك إلا القوة العسكرية.

وعلى ذلكء فإن دولة الأغائبة كانت محاطة بالخصوم الذين لم يتورعوا عن مهاجمتها إذا ما لمسوا فيها ضعفاء لاسيما وأن قوة هؤلاء كانت وقتئل احذة في الازدياده» فدولة الرستميين كانت قد اإستردت عافيتها وازدهارها في عهد خليفتها (أفلح بن عبد الوهاب) (سنة 194ه - 40 1هم/ 45لام - 5 وواصلت مسيرتها في هذ! الاتجاه في عهل أبنه أبي بكر (سئة /ؤا5لاه - *كا"ؤزهمم/ 01م م شل وسحقفيلة أبي اليقظات محمد بن أفلي (60لاه - إزلاه/ “الاهم - 54هم) بالرغم من بعض المعوقات الداخلية» وتدعمت أركان دولة أحمد بن طولون (سنة 084اه - +لالاهم - 444م) في مصر والشام وليس ذلك فحسبء بل كان مما زاد الوضع سوءً بالنسبة للدولة الأغلبية هو أن الدولة البيزنطية الطامعة في صقلية وما يتبعها من أراض أوروبية كانت تمر وقتثل بفترة صحوة في ظل الأسرة المقدوئية.

ونظرا لهذه الأسباب» كان الوضع يستدعي وجود رجل قوي في الحكمء يقود سفينة إفريقية إلى بر الأمان» ويبدو أن أهل القيروان بالذات كانوا يدركون تلك المخاطرء لذلك رفضوا تنصيب أبي عقال بن أبي الغرانيق أميرا عليهم خليفة لأبيه الذي كان قد أوصى له بالحكم من بعذه لصغر سنةء وتوجهوا للأمير إبراهيم الذي كان وقتئذ والياآ عليهم لأضيه

لالحسن سيرته وعدله('» طالبين منه أن يشلع ابن أشبيه الطفل ويتولى الإمارة بدلاً منهء فرفض ذلك تحرجاً من غصب ابن أخيه حقهء ومن العهود والمواثيق التي كان قد قطعها على نفسه لأخيه بأن لا ينازع أينه الأمرء» ولكن أهل القيروان ما زإلوا به يراجعونه ويلحون عليه ويشيروث عليه بالمخرج للتحلل من تلك العهود حتى قبل: فنهضواأ معد إلى العباسية مقر الإمارة وقتثل وأدخلوه داره عنوة بعد أن تغليو! على الحرس وربايعوه بالومارة .

و يوز لما أبن عذارى مأ دأن فيئه وبينهم وكجعد بقوله: (فلما عأت أبو الغرانيقء أتى أهل القيروان إلى إبراهيم بن أحمدء وهو إِذ ذاك وال على القيرواتء فقالوا له:لاقمء فادخل القصر””“» فأنت الأمير؟» وكان إبراهيم قد أحسن السيرة فيهم : فقال لهم: 5 علمتم أن نحي قد عشّل البيعة ألا بئه + واس تحلفني عمسيل يميثأ أيه أنازع ولذه ولا أد شل قتصبرهة . فقالوا له : #تكون أميراً فى دارك بالقتصر القديمء وه تنازم ولذده؟ة فتمحن كارهون لولايته ومبايعون للك؟ وليس في أعناقنا له بيعه؟ة فركب من القيروات» ور عمعة أكثر أهلهاء فسحاريوا أهل القفصر يو دحل إبرأهيم دارعء» فبأبعة مشايخ أهل إفريقية ووجوههاء وبايعه جماعة بني الأغلب””'؛ ويردد كل من ابن الأثير7*؟» وابن خلدون*؟: ولسان الدين بن الخطيب”““رواية

)١(‏ ابن الأثير: الكامل في التاريش ج” ص5 حوادث سئة 11آه.

(؟) المقصود بالقصر هنا هو قصر مدينة العباسية القريبة من القيروان» مقر أمراء الأخلبية وقد .

() ابن عذارى: المصدر السابق ج١١‏ ص؟"١1.‏

(5») ابن الأثير: المصنر السابق ج ص2 .

(8) ابن خ“تدوت: المصثر السابق ج4 ص7١‏ ؟.

(5) ابن الخطيب: أعمال الإعلامء القسم الثالث صن ل!؟ .

11

مشابهه لهذه الرواية عن كيفية وصوله للحكم. إفريقية في ظل عهد جديد:

وهكذا الت الإمارة لوبرأهيم بع ألحمك برغبة شعبية كمأ يستفاد مم هذه الروايات» دون سعي منه أو تدبيرء وقد حكم ما يزيد عن الثمانية وعشرين عاما (سنة ١الاه‏ - 69اه/ هدلامم - 7١35م‏ وهي أطول عهود أمراء الأغالبة» وما يلاحظه الباحثء أنه بالرغم من بعض المعوقات فإن هذا العهد كان بعثاً جديدا لطاقات إقريقية بعد خبو طويلء إذ استأئفت خلاله عجلة الحياة دورتها بقوة ونشاط » مما جعله يتميز عن غيره من عهود باقي الأمراء من آل بيتهء بما ظهر فيه من نهضة شاملة في شتى الاتجاهات» ما يجملنا لا تعدو الحقيقة إذا قلنا أنه كان العصير الدعبي اللجركا الحضارية في إفريقية الأغلبية فضلاً عن الأعمال الجليلة الأخرى التي تمت

بل ,

وقد وضع الأمير إبراهيم نصب عينيه طوال مدة حكمهء الحفاظ على سلامة دولته وتطويرها ويث روح التجديد فيها لتدعيم أركانها ومدها بكل أسباب الرقي والتقدم» والعمل على أمن رعيته واستقرارها ورفاهيتها بكل مأ أوتي هن قدرات: و مع أنه لقي في سبيل ذلك معارضة قوية من كافة القوى التي تضررت مصالحها بأعماله الإصلاحية» إل أن ذلك لم يزده إلا عزماً وتصميماً على المضي قدماً في تنفيذهاء ويبدو أنه أتبع أولاسياسة اللين والحسنى»: ولما لم تؤد تلك السياسة إلى النتيجة التي كان ينشدماء وجد في الحزم الذي كان يصل أحياناً إلى -حد العنف والقسوة وسيلة أفضل قائبعها.

ولتتنضح أبعاد هذه الصورةء نرى أنه لا يد من التعرض بإيجاز لما

1١م‎

واجهه الأمير إبراهيم من مشاكل ومتاعب داتخلية وخارجية خلال سني حكمدهء تكالبت عليه حتى عصفت بدولته أكثر من مرة» والتي كان لها بلا شك أثرها القوي على جهودهء فجحلته يبدو وكأنه يبني بيد ويداقع باليد الأخخرى عما بنأه» وهو جهد ضفخم لا يقدر على بذله والنهوض بأعبائه إلا عظماء الرجال الذين يصنعون التاريخ .

كان على الأمير إبراهيم أن يعمل أولاً وقبل كل شيء على إزالة آثار المجاعة والوباء اللذين 00 قريقية يقية قبيل توليه الحكمء فقد كانا من الحدة ببحيث أصايبا اقتصادها بضرر 19 فضلاً عن الأمراض الاجتماعية تركاهاء فكان رفقه بالرغية ومحاربته أهل البغي والفسادء ونشره العدل كما سيأتي ذكره هو العلاج الفعال لهذا الموضوعء والذي بسببه لم يلبث الناس أن لمجاوزو! هذه المدحنة.

وقي سنة 554اه / لالاىمم أي بعد توليه الحكم بمدة تقل عن الثلاث ستوات» واجه ثورة خطيرة هي ثورة موالي الأغالبة في القصر القديم (العياسية) المقر السابق لأآمراء الأغالبة إثر انتقاله مع خواصه ودوأوين دولته إلى عاصمته الجديدة (رقادة) كما سيذكر في موضعهء والذين ساءهم على ما يبدو هذا الانتقالء فسرت بينهم روح التذمرء وسرعان ما تحول هذا التذمر إلى تمردء مما جعل الأمير يسارع إلى معالجتهء فقبض على زعيم المتمردين وهو فتى صقلبي يسمى مطرو حا ( أبن أم بادر) ومن المرجح أن يكون قد أمر بإعدامهء فغضب هؤلاء الموالي الذين كانوا جميعاً من الجند الصقالبة» وأعلئوا العصيان في انتفاضة خطيرة» وليس ذلك فحسبء وإنما أخذوا يعيثون الفساد حتى قطعوا السابلة بين القيروان ورقادة؛» ومع أن أهل القيروان كانوا هم الذين تخرجوا لقتالهم في عدد غقير دفاعا عن

١8

مصالحهم» وانتصروا عليهم حتى اضطروهم للاستسلام على الأمانء إلآ أنه كان لا بد للأمير من فرض. هيبة الدولة لينعم الجميع في ظلها بالأمن والاستقرار بدلا من تصارع فئات الرعية الذي يؤدي حتماً إلى خراب البلادء فقبض على العديد من المتمردين» وقتل بعضهم وسجن بعضاً آخرء كما نفى فريقاً منهم إلى صقلية» وبذلك عاد الأمن إلى نصابهثا).

وفي العالم التالي (سنة 56"اه / 4لامم) دهمه خخطر بجديكف أت من الشرق هو هجوم العباس بن أحمد طولون على الإقليم الشرقي من دولته. والذي كان قد ترك مصر إلى برقة مغاضباً لوالده وفي نيته تأسيس إمارة له فيها ويضيف ما يمكن إضافته إليها من أراضي الدولة الأغلبية»ء وعلى ذلك» ها كاد يحكم سيطرته على برقة حتى زحفا بجيشه نحو طرابلس » الأمر الذي جعل الأمير إبراهيم يسارع إلى إرسال قائده أحمد بن قرهب - أخي الحاجب محمد بن قرهب - في )١7٠١(‏ فارس جريدة عاجلة لملاقاة الطولوني ومشاغلته ريثما يفرغ هو من إعداد القوات الكافية لمواجهة هذا الخطر.

ولم تصمد هذه الجريدة أمام الطولونيين حينما التقى الجمعان في وادي ورداسة بالقرب من لبدهء فانهزمت إلى طرابلسء مما جعل العباس يحتل لبده ويواصل زحفه إلى طرابلس التى تحصن فيها أبن قرهب ويسساصرهة(”) واستنجد ابن قرهب بالأمير إبراهيمء فأرسل إليه نجدة مستعجلة أخرى» في حين أخذ هو يستعد للزحف بالجيش الرئيسي: وتقول بعض المصادر أنه

)١(‏ انظر عن ذلك النويري: نهاية الآرب ج١7‏ ورقة4١١أ‏ كذلك ابن عذارى: المصدر السابق صل7؟3؟» د. سعد زغلول عبد الحميد: المرجع السابق جم؟ ص58 .,

(؟) أنظر أبن شختدون: المصدر السابق جرع ص ”+ ؟.

8

حين لم يجد لديه من ألمال لإعداد الجيش بعد أن كان استتقده أبو الغرانيق كما تقدم ذكرهء اضطر إلى سك حلي نسائه دنائير”ا؟ لهذا الغرض» وتتكشف هله الشمة و الأمير بتلخل إليأس برخ متحصسور زعيم أبأضية تقوسة الذي استنجد به أهل طرابلس») فخف بجموعه لتجدتهم مما أضطر العياس لفاك الحصار عن المديئة والالسيحاب إلى برقة ثم العودة منها إلى مصبر بعد تبك للدولة الأغلبية دام أكثر عر عامير :”أ

وصاحب التهديد الطولوني مشكلة ثانية واجهت الأمير إبراهيم هي قحط عظيم جديد أصيبت به إفريقية في عام ااه / 5ا4مء وكانت آثار القمحط الأول بالكاد قد محيت» إذيقول ابن عذارى في -حوادث هذه السنة: وفيها (كان القحط العظيم والغلاء المفرط بإفريقية)7'» مما أجهد الناس بما أصابهم من مجاعة عمث مختلف فتثاتهم -حتى أكلوا الجلود والجيفف» ويما تفشى بينهم من الأمراض والأوبئة التي كثيرا ما تتبع المجاعات» الأمر الذي اضطر العديد منهم إلى مغادرة البلاد ويصفة خاصة إلى صقلية ريثما تتكشف هذه الغمة.

وم! كاد الأمير إبرأهيم يلتقط أنفاسة عر هله المشاكل والأخطارء حتي نشبت ثورة عارمة في إقليم الزاب أشعلتها قبائل وزداجه وهوارة ولوأتة» قس رح إليها جيشاً بقيادة ابن قرهبء الذي اشتبك مع الثوار في أكثر من

( ابن عذارى: المصدر السابق ج١‏ ص5١1.‏

(؟) انظر ابن عذارى :المصدر السابق ج١‏ ص5١91»‏ ابن خلدون: المصدر السابق ج4 ص٠‏ لاء ابن الأثير: المصتر السابق ج” صى١؟2‏ د. سعد زغلول عيد اللحميد: المرجم السايق جلا ص ١5٠‏ وما بعذها.

© أبن عذارى: المصنر السابق ج١‏ ص9!7١١9+‏ انظر كذلك د. سعد زغلول عيد الحميد: المرجع السابق ج؟ ص؟؟؟.

9

موقعة وحقق عدة انتصاراتء إلى أن كيا به جواده في معركة مع اللواتيين فلحق هؤلاء به وقتلوهء فتفرق -جنده لائذين بالفرارء قكان أن أرسل الأمير ابنه عبد الله على رأس جيش كبير تمكن بعد معارك طاحئة من إخماد هذه الثورة في سئنة / 67كمم وإعادة الهدوء إلى ذلك الإقليم بعد استنزاف كبير للطاقات والأموال0؟2,

وفي سنة ؟الالكه / 882هم واءجه الهجمة البيزنطية الشرسة على صقلية بقيادة نقفور فوكاس والتي ظل خطرها جائماً على مسلمي الجزيرة مدة تقارب العشر سنوات كما سيأتي ذكره. وكان لهذا الوضع خخطورته البالغة تتضم إذا ما أعدنا إلى الأذهان أنه كان على الأمير إبراهيم مواجهته بقدراته الذاتيه دون انتظار عون من أحدء والدولة العباسية كانت وقعل أعجز من أن تمده بمثل هذا العونت. فضلا عن توتر العلاقات بينه وبين الطوئونيين في مصر ومثل ذلك بالنسبة لأموبي الأندلس بطبيعة الحالء وفتورها مع الدولة الرشميةء هذا إذا لم يحاول أحد خصومه انتهاز هذه الفرصة للانقضاض على إفريقية نفسها. وفي سنة هلالاه / 64م قويل إصلاحه المالي المتعلق بنظام النقدء والذي سنتعرض له في موضعه بمعارضة قوية وبصفة يخاصة من أهل القيروان» فأغلقت الأسواق فيها وعمها الشغب»؛ وكاد أن يتطور ذلك الشغب إلى فتنة كبيرة لولا أنه تدارك الأمر بحكمته وحسن تصرفهء ويعد جهد تمكن من تهدثة الوضعء والقضاء على الفتنة في مهدهاء وتم له مأ أراد من إصلاح . 21 أبن عذارى: المصدر السابق مم١‏ ص2115ء أبن خبلدوت: المصدر السابق ج؟ ص١7‏ ابن أبي الضياف: اتحاف الزمان سا ص +١49‏ د. سعد زغلول عيد اسيك المرجع السابق ج؟ من ١507‏ وما بعدها.

وفي سنة ٠8اه‏ / 47م انتقضت عليه بلاد عديدة» وكثر السخارجون عليهء فثارت تونس والجزيرة وصطفورة والأربس وباجه وقمودة») وقدم أهاليها على أنفسهم رجالا من الجدد(فصارت إفريقية عليه نارا موقدة» ولم يبق بيده من أعمالها إلا الساحل والشرق إلى طرابلس6''؟2. فلم يوهن ذلك من عزيمتهء بل شرع في إعداد العدة لمواجهة هذه الأخطار» فزاد في تحصينات رقادة بأن حفر حولها خندقا وجعل أبوابها من الحديد» ونظم عملية الدفاع عنها بما ضم إليه فيها من الثقات وحرسه من العبيد السود احترازاً من مفاجأة أحد خصومه؛ ثم باشر في إعداد جيش كبير» وعمل في أثناء ذلك بنصيحة أحد شيو بني عامر بن نافع بالتمهل في مهاجمة الثوار والسعي في تفريق كلمتهمء وما أن تم له ما أراد من أحكام التدبير؛ء حتى أنفد جيشه بقيادة ميمون الحبشي الذي تمكن من إنخحماد هذه الثورات الواحدة تلو الأخرى وإعادة الهدوء إلى ربوع إقريقية من جديدا'"» ثم أتبع الأمير ذلك بخطوة أخرى لها أحميتها هي تولية أبنائه على مشتلف أقاليمه”". لتعزيز موقفه وتدعيم أركان هذا الهذوء: وحيتما ثارت عليه تونس من -جديد في سنة اماه 54م قمع لورتها ثم انتقل إليها وسكنها بعض الوقت حتى استقر بها الوضع .

وفي سنة / 8945م شعر بتململ في الأقاليم الشرقية لدولتهء

)١(‏ آبن عذارى: المصدر السابق ج١‏ ص”7؟1ء ابن خعملدون: المصدر السابق ج2 ص”:؟ د. سعد زغلول عبد الحسميد: المرسع السايق ج؟ صن55 1 .

(؟) ابن عذارى: المصنر السابق ج١‏ ص"!7اء وما يعنهاء ابن خلدوتن: المصدر السابق ج؟ ص7٠‏ إبن أبي الضياف: المصدر السابق س١‏ صضن155غ د. سعد زغلول عبد الحميد: المرجم السايق س؟ ص؟؟١‏ وما يعدها.

(9©) ابن عذارى: المصدر السابق ج١١‏ ص7؟١»‏ أبن خلدون: المصدر السابق ج4 ص١7‏ د. سعد زغلول عبد الحميد: المرجمع السابق جلا ص"؟1.

وف

فتوجس أن يكون ذلك مقدمة لخطر جديد يحركه الطولونيون أو على الأقل يشجعون عليه» فخرج بجيش قوامه عشرون ألف جندي متجهاً إلى برقة» إل أن أباضية نفوسة اعترضوا طريقه دون سبب واضح اللهم إلا إذا كان ذلك بسبب شذة وطأته في قمعم ثورات الأقاليم الغربية وألتي كاث من بين مشعليها قبائل أباضية مثل هوارة وأهل الزاب» مما جعل إخوانهم في جبل نفوسة يهبون لكسر شوكة الأمير الأغلبي مؤازرة وثأر" لهم » وأيا كان الأمرء فإن حرباً طاحنة دارت بين الفريقين»ء كانت من الشدة بحيث أحفظت الأمير على خصومه مما جعله يقسو عليهم بعد اتنتصاره عليهم. ثم استأئف زحفه بعد ذلك حتى انتهى إلى سرتء وكأن يعتزم مواصلة سيره إلى برقةء إلا أن جنوده الذين كان قد أنهكهم قتال الأباضية والسفر الطويل أخذوا ينفضون من حوله الأمر الذي اضطره للعودة'؟» ولكن ئيس قبل أن اطمأن على استقرار الوضع في تلك الأقاليم .

وفي تلك الأثناء أنعل خطر الدعوة الفاطمية يلوح في الآفقء ذلك أن إيقاع الأمير إبراهيم برجال قلعة بلزمة جنوب غرب باغاية بإقليم الزاب في سنة ٠4لاه‏ / 97م كان له أثر مباشر في ذلك الموضوعء إذ أن هؤلاء كانوأ من أبناء العرب والجند الذين قدموا إلى إفريقية منذ الفتعحء وكان معظمهم من القيسية أي من أقرباء عصبية الأغالبة بني تميم» وكانوا قبل ذلك يتمتعون على ما يبدو بنوع من الاستقلال عن أمراء الأغالبة في ذلك الإقليم الذي طائما شهد الاضطرابات ليعده عن مركز الدولة ومتاخمته للرستميين» وكانوا من موقعهم الاستراتيجي على السفح الشمالي لأوراس يبسطون نفوذهم على قبائل كتامة بل ويذلون تلك القباتل» ويتسخذوتها خولاً

) ابن عذارى: المصدر السابق ج١‏ صة7١»‏ ابن خلدون: المصدر السابق ج؛ ص ”5*7 د. سعد زغلول عبد الحميد: المرجع السابع جا ص5؟١‏ وما يعدها.

7:

وعبيد! ويفرضون عليها العشور والصدقات على حد تعبير النويري”'".

وحينما أخخذل الأمير إبراهيم في محاربة الثوار في ذلك الإقليم ضغظ عليهم وجردهم عن إمتيازاتهم تثبيتاً لهيبة الدولة» عما حفزهم على التمرد الأمر الذي دفعه لحربهم في سنة 8لالاه/ ١491مء‏ ولما امتئعوا منه لبجأ إلى الحيلة معهمء فأخذ يلاطفهم ويقربهم من نفسه حتى استجاب زعماؤهم إلى مأ دعاهم إليه من الوقود عليه في رقادةقء وكأنت مجموع مأ وقد عليه منهم ألف رجل فأكرمهم في البداية ثم أوقع بهم يعد ذلك في سن دم اعلا / 87م دوف أن تدكر الروايات التأريخية لذلك سرييا ع فكسرثت شوكتهم نتيجة لذلك» وخفت شدة وطأتهم على قبائل كتامة التي كان أبو عيف أللّه الشيحي داعية الفاطميين قد استقر بين ظهرانيهاء فلم تعد هئالك من قوة تقفا في وجههاء مما أدى إلى نجاح الدعوة الفاطمية في تلك النواحي » وبالتالي يصبح ذلك نقطة البداية لتهديدها الحقيقي لدولة الأغالية”* .

وكان مما زاد في حدة المشاكل والأخطار التي واجهها الأمير إبراهيم في تنك الاونةع وصول رسول الشليفة المعتفيد بالله العباسي إلية يكتابف يلومه فيه على شدته في قمع ثورة أهل تونس» ويأمره فيه بالرفق بالرعية ويمحذره مون مغبة هذه الشلة» ويهدده بالعرل أل لم يقنع عنها ؛ إذ يقول فيه: (...إن انتهيت عن أخلاقك هذىء وإلا فسلّم العمل الذي بيدك لابن عمك محمد بن زيادة إلله)0©: ومن غير المستبعد أن يكون قد نبهه إلى

)١(‏ النويري: المصدر السابق ججم؟؟ ص5؟١‏ أ.

(1) انظر النويري: المصدر السابق ج؟ صة١١‏ أء ابن عذارى: المصدر السابق ج١‏ ص؟٠9ء‏ د. سعد زغلول عبد الحميف: المرجع السايق ج؟ ص4١‏ .

(49 إبن عذارى: المصبر السابق جا ص .١4‏

؟

خطر الدعوة الفاطمية المتزايد» إِذ كانت (نار الداعي إلى الدولة العلوية العبيدية تأكل في أطراف مملكته”'؟: وأن يكون أمره بتوجيه جل اهتمامه لمواجهته والقضاء عليه »نظراً لما كان يشعر به العباسيون من قلق بشأنه» إذ يقول ابن أبي الضياف في ذلك: (وقد قوي أمر بني عبيدء وهال بني إلا اد

او 32 5

وفي أعقاب ذلك» وفي سنة 46؟ه / 4958م على وجه التحذيدء احتدمت المشاكل والقفتن في صقلية من جديد كما سيأتي ذكره» وألتي استنفد إطفاء نارها جهدا كبيرا من الأميرء» ويقيت الأوضاع غير مستقرة في الجزيرة مذ ذاكء ولم تهدآأ تماما إلا برحيله إليها غازيا في سنة 189ه / م كما سيأتي ذكره أيضا. وكانت ثالثة الأثافي هي عدم تمكنه من القضاء على الدعوة الفاطمية التي كان قد استفحل خطرها وقتثل.

وهكذ! نخلص من هذا العرض الموجز لمتاعب الأمير إبراهيم التي لم نشأ تفصيلها حتى لا نخرج عن خطة البحث» بأنه كان طوال مدة -حكمه ما يكاد يتخلب على صعوية منها سحتى يدهمه خطر جديدء ومع ذلك» وبالرغم من خطورة هذه المتاعب وآثارها السلبية على الوضع السياسي في إفريقية» والتى منها ما كان سبيه أخطاء تراكمت من عهود سابقة على عهده وقدر لها أن تنفجر في زمنهء فإنها لم تصرفه عن رعاية الحركة الحضارية في بلاده وتتشيطهاء وعن مواصلة حركة الجهاد في جنوب غرب أوروياء مما جعله د يحقق في كلا الاتجاهين إنجازات ضخشمة لا تعتبر مفخشرة له وسحجله فحسبء وإنما أيضا لإفري يقية الأغلبية بل وللمسلمين جميعاء فضلا من أنها تقدم البرهان الواضح على أنه لو لم يكن من كبار الرجال» لكان أي خطر

.١2 ابن ابي الضياف: المصدر السابق جر١ا ص5‎ )١( .١45ص‎ 1١ج (؟) ابن أبي الشياف: المصير السايق‎

5

منها يكفي لشغله عن بذل أي مجهود في هذين الاتجاعين بل وريما للإطاحة بك ودفعه إلى زوايأ النسيأن. ولعل قيمأ نورده فيمأ يلي م يكفي إصلاحاته المالية والإدارية :

تفيد المصادر التاريخية أن الأمير إبراهيم شن منذ توليه الحكم حملة كبرى على الظلم والبغي والفساد التي كانتت قد انتشرت في البلاد» وأخذت تندخر في أجهزة الدولة وبنية المجتمع ء وقطمع دابر اللصوصية» واشتدت وطأته على المفسدين وقطاع الطرق والعابئين بالأمن فأوقع بهم العقوبات الرادعة» حتى إستتب الأمنء فاطمأن الناس على أرواحهم وممتلكاتهم. وفي ذلك يقول ابن الأثير: (.. .آمن البلاد وقتل أهل البغي والفساد. . . وكان القوافل والتجار يسيرون في الطرق آمنين''؟. ولا يخفيى عليئا ما لاستتباب الأمن من دور في -حياة أي شعب وثهضته.

كما حرص مل ذاك على بث روح التطوير والتجديد في كافة أجهزة الدولة لتماثل مثيلاتها في دار الخلافة ليتسنى لها ثليية متطلبات العصرء مع بقائها في الإطار الذي -حدده الشرع الإسلامي. ومن أول ما يذكر في هذا المجال محاربة قاضيه ابن طالب التعامل بالربا الذي كان قد شاع بين الناس: وكان أكثر المتعاملين به من اليهود””'»؛ إذ وقف عائقا في سبيل انطلاق الحركة الاقتصادية التي كانت وقكل قد استأئفت نشاطها وازدهرت إلى حد أن القيروان أصبحت مركزها الرئيسي في غرب العالم الإسلامي

( أبن الأثير : المصدر السابق بج" ص28 . 00 العالكي : رياض النغوس ع سرلا إنظر كذلكف د. الحبيب الاجتحائي : المغرس الإسلامي - الحياة الاقتصادية والاجتماعية (9-عى / 5-»: 44 ص 58 ,

يفا

كما سيأتي ذكره» ونجحت جهود أبن طالب في القضاء على هذا التعامل» مما أعاد حركة المال إلى مسارها الصحيح بتوظيفه في التسجارة والصناعة والزراعة.

كما فرض ابن طالب أيضاً رقابة صارمة على الصيارفةء وكان هؤلاء من الكثرة وقعذ بحيث كان لهم سوق في القيروان خاص بهمء وقد تعددت نشاطاتهمء فكانوا يقومون بأعمال مالية كثيرة ومتشعبة لم تقتصر على تبديل العملة وصرف الدنانير إلى دراهم» وإنما تعدتها إلى أعمال مصرفية أخرى تقوم بها المصارف (البنوك) في عصرنا الحاضر من حفط لأموال المودعين واقراض وعمليات تحويل» ومع أن بعض النصوص التاريخية تشير إلى وجود بعضها قبيل عهد الأمير إبراهيم» فيذكر القاضي عياض مثلاً أن محمف بن سحئون كتب رقعة لرجل أراد إعانته إلى صيرفي بعشرين دينارا”'؟. إلا أن عهده شهد توسعاً وتنوعاً فيها لتفي بمتطلبات الحركة الاقتصادية النشطةء الأمر الذي استدعى ضرورة تنظيمها لما صاحب ذلك التوسع والتنوع من تلاعب وتحيل لإيجاد منفل للتعامل بالريا إلى حد أن هؤلاء فضلا عن بعض التجار كانوا يستغلون الخلاف الفقهى بين مدرستي المدينة (المالكية) والعراق (الحنفية) الفقهيتين لصالحهم لإضفاء صفة الشرعية على معاملات تجارية متأثرة بالعرف والتقاليد العجارية القديمة أو المعمول بها خارج العالم الإسلامي”'؟. لذلكء أجبر ابن طالب الصيارفة

)٠(‏ القاضي عياض : المصدر السابق ص؟147ء2 وانظر د. الحبيب الجنحائي: المرجع السابق ص لا.

(9) انظر د. الحييب المجنسحاني: المرجع السابق صيلا0و28. ومن ذلك ما يرويه الدباغ عن أتحمد الربعي الصواف المذكور في الصفحة التالية والذي كان أحد كبار ققهاء المالكية في القيروان حيث يقول: (فأتى إل رجلان منهم [يعني الصيارفة] قسألاني عن مسألة فقلت لهما: :لا تحل» فإنه ربا » فقالا -

4

على دراسة (كتاب الصرف) الذي ألفه الإمام سسدحنون للاستئارة يه في عملهم» مما جحل هؤلاء يلجأون إلى أحمد الربعي الصواف آحد تلاميذ هذا الإمام ليدرسوه عليه حتى أمتلا بهم صحن مسجنط"؟. والذي قال في ذلك (فقرأته لهم قراءة تبين لما دل عليه من المعاني)"" أ وكان الهدف كله هو أن يصببح نشاط أعمال الصيرفة دعامة للاقتصاد وليس وبالاً عليه .

وفي سنة هللاه / 88م قام الأمير إبراهيم بإصلاح مالي كبير كان له أهميته في تخليص نظام النقد مما لحق به من شوائتب ودعم الثقة يهء ذلك أنه بالرغم من أن أسلافه من الأمراء اهتموا بالمحافظة على قوة نقدهم و-جودته فحافظ دينارهم الذهبي على وزنه الذي كان ٠؟رة‏ غراما أو هار غراما وصرفه عشرة دراهمء وفي الدرهم “٠اخروبةء‏ إلا أن ضرب قطع نقدية صغيرة قبل عهذه كربع الدرهم وثمن الدرهم وتعامل الثان بها على نطاق واسع» أوجد جالا للغش والزيف فيها فوجد الدرهم الجيد والدرهم الستوق أي الزائف من النحاس ومثل ذلك بالنسبة للقطع النقدية الصغيرة التي كان

لي: «فإن اين الأشج [فقيه -حنفي سيآتي ذكره] قال لنا: أديروا بينكم ما شئتم من بيع حرام» ثم تعالوا إلي أجعله لكم حلالاء فقلت نهم: ١لا‏ حورل قوة إلا باللهء حرامء حرام؛ قوما عني) الدباغ: معالم الإيمان ج؟ ص؟7؟ . وقد ذكر المالكي (ج١‏ ص4 ١:‏ :) أن الأشج هذ! كان إذا أراد أن يجوز الربا بين إثنين من الناس يقول للأحدهما: كيد هرا فأجعل في عنقه حمسين ديثارا : ومعة بمائة إلى آجلء فإذا أخذ الهر المشترى له: وأقام عنده أياماً فامضص إليه وقل: #عسى ذلك الهر ترده إلينا فإن الفيران قد أكلونا» فيرده إليه فكان هذ! فعله مع النأاس) .

)١(‏ الدباغ: المصهر السابق ج؟ ص57 انظر أيضاً د. الحبيب الجنحاني: المرجع السايق ص62 ,

(5) الدياغ: المصبر السابق س؟ ص77 .

9

مجال الغش فيها أكبرء مما سبعل الناس يتعاملون بها بالوزنث وئليس بالصرف لقلة الثقه بهاء الأمر الذي أشاع الفوضى في عمليات البيع والشراء وبالتالي كان لذلك أثره السليي الواضح على نظام النقدء ومن هنا ظهرت -حاجة ملحة لإصلاحدء فضرب الأمير إبراعيم عملة «جديدة دثائر ذعبية ودراهم فضية صحيحة الوزن» صرف كل ديئار منها عشرة دراهم لذللك سميت (بالعاشرية)2» وقطم التعامل بالقطع النقدية الصغيرة» ومع أن العامة وبصفة خاصة في القيروان عارضت هذا الإصلاحء فأغلقت الأسواق فيها وعم الشغب أرجاءهاء حتى تطور الأمر إلى ما عرف في التاريخ ب (ثورة الدراهم)»: إلا أن الأمير تمككن بحسن تدبيره وحكمته من القضاء عليها ونجم في هذا الإصلاس”'2. كما تقدم ذكره.

وتذكر المصادر التاريخية أن الأمير إبراهيم أجرى تعديلات في نظام جباية الضرائبء فقف أمر يجباية الخراج حصة مما تنتجه الأرض بدلا من تحصيله نقدا كما كان معمولا به منذ عهد الأمير عبد الله الأول. ذلك أن الأمير عبدالله المذكور رسم في سنة ا9١اها‏ / #الكرم أن يقطع تحصيله عيئا ويجحل بدلا نقديا ثابتا يدفع عن الأرض سواء -جادت أو أجدبت. وتختلف المصادر في تحديد قيمة هذا البدل» فما يفهم من رواية ابن عذارى أنه كان ثمانية دنائير على كل قفيز من البذر”**» ويذكر هوبكنز نقلاً عن النويري أنه كان ثمائية دنائير على كل زوج يحرث وأنه عهد بجبايثها إلى صاحب

)١(‏ إنظر عن ذلك ابن عذارى: المصثئر السايق اج ص١؟١‏ ومأ بعدهلء أبن أي الضياف المصدر السايق ع1 ص15 حسن حستي عبد الوهاب: ورقات ق3١‏ مص؟2755:؛ د. سعد زغلول عبد الحميك: المرجم السابق اج؟ صرلة؟! وما يعدهاء دكقتور الدحبيب الجنحاني : المرجم السابق ج١‏ مص 49 .,

22 ابن عذارى: المضنر السابق ج ١‏ صرة4.

4

الخراج''؟: وأما أبن الأثير فيقول أنه كان ثمانية عشر ديناراً على كل فدان””؟» وبصرف النظر عن التفاوت بين هذه الروايات في تحديدهء فإن هذا الإجراء مع أهمية دوره في استقرار ميزانية الدولة لثبات مورد الخراج الذي يمثل دعامة رئيسية لها دون أن يتأثر بالظروفء إلا أنه كان يلحق الضرر بالمزارعين. إذ كان عليهم الالتزام بدفع ما فرض عليهم من مبالخ بصرف النظر عن حالة الموسم الفلاحي» الأمر الذي أدى إلى تذمرهمء مما دفع الزاهد حفص بن الجزري إلى مراجعة الأمير عبدالله لإلغائه: إلا أنه فشل في ذلك» وبقي معمولاً به حتى عهد الأمير إبراهيم الذي ألغاه وجعل جباية الخراج وفق ما يقتضيه الشرع الإسلاميء وبذلك أزاح عن الرعية عبثاً طالما أثقل كاهلهة*.

وأتبع ذلك بخطوة عامة أخرى هي إلغاؤه مجموعة الضرائب المعروفة وقتئذ بالقبالات» وهي كما يعرفها هوبكنزة*' الضرائب المفروضة على السلع الاستهلاكية أي التي يمكن تسميتها بضرائب السلع أو السوق. والتي كانت تدفع حينما تباع تلك السلع للاستهلاك أو في نقطة في سلسلة التوزيع قريبة من المستهلك» وكانت تجبى حسب نظام الالتزام أو الضمانء أي أن يتعهد أحد الأشخاص بمبلغ معين يؤديه لخزينة الدولة سنوياً ويتولى هو عملية تحصيل هذه الضرائب. وما زاد يكون ربحاً خالصاً له. وهو نظام له

)١(‏ اس. ببا. هويكنر: النظم الإسلامية في المغرب الوسطى؛ تعريب د. أمين توفيق الطبيبي ص87 .

(9) ابن الأثير: المصدر السابق ج5 ص77 .

(6) هويكتز: المرجع السابق ص97 وما بعدهاء شارل أندري سوليان: تاريخ إفريقيا الشمالية ج؟ ص59 . د. الحبيب الجمتحاني : المرجع السايق ص 8١‏ ومأ بعذعا.

() هويكئز: المرجعح السابيق من 54 وما بعدهعاء إنظر كذلك شارل أندري جوليات : المرجم السابق ج؟ ص19 .

١

خطورته إبان عهود الاختلال والفسادء إذ يجني الملتزم مبالغ طائلة دون محاسب أو رقيب يقع العبء في ذلك على الرعيةء ولو أخذنا في الاعتبار مأ قدره الدكتور الحبيب الجنحاني من أن قيمة الضريبة الموظفة على القوافل الداخلة إلى القيروان والخارجة منها فقط في كل باب من أبوابيا الخمسة وحدها هي ستة وعشرون ألف درهم يومي5''» لقدم ذلك فكرة تقريبية عن ضخامة المبالغ المحصلة من هذه الضرائب» وبالتائي أهمية هذه الخطوة التى قام بها الأمير إبراهيم في إصلاح نظام الضرائب. ومع أن بعض المؤرخدين القدامى والمحدثينء يعزو هذه الاجراءات لدافع سياسيى هو استمالة الرعية إلى جائيه عند استفحال ععطر الدعوة الفاطمية”'؟. إلا أن ذلك لا يقلل من قيمة هذا الإصلاح وأهميته في إنعاش الاقتصاد ورنعاء الرعية.

وإذا كان أمراء الأغالبة بوجه عام حرصوا على تنظيم الجهاز الإداري في دولتهم تنظيماً محكماً على نحو ما وجد في بغداد": فإن الأمير إبراهيم كان من أكثرهم .حرصاً على ذلك» إذ عمل منذ مطلع عهذده على إصلاح هذا الجهاز وتطهيره مما تطرق إليه من فسادء وتدعيمه بذوي الكفاءة العالية سواء من العرب أو غيرهم: ومن المسلمين أو من أهل الذمةء وسواء كانوا من أهل البلاد أو من الذين اجتذبيم بلاطه من خخارجها. كل ذلك للتهوض بمستواه وتطويره.

هو وجرياً عل سئنة اكبار المحكام عن مؤسسي الدول: أنشأ عاصمته الجديدة رقادة التي سنتعرض لذكرها فيما بعدء ونقل إليها معه دواوين

() أانظر د. الحبيب الجنحاني: المررجع السابق ص 82 وما بعدها.

(7) انظر مثلاً ابن عذاري: المصدر السابق ج١1‏ ص١217‏ كذلك هويكنز: المرجع السابق صرلهة .

أنظر شارل أندري جوليان: المرجم السابق جلا ص/57.

9

الحكومة والتي كان من أعسها ديوان الرسائل (الإنشاء)» وديوان الخاتم (الختم)» وديوان الخراج (الجباية) وديوان الجند (العطاء) وبذل جهوداً كبيرة في سبيل تحديد صلاحيات كل متها بعد أن كانت سمة العصر عي تداخل السلطات تداخلاً خطيرا'؟» وأسند مهمة إدارة كل منهما إلى أحد رجالاته الأكفاء مثل أبي اليسر الشيباني الذي تولى رئاسة ديوان الإنشاء بالإضافة إلى رئاسة جامعة بيت الحكمة كما سيأتي ذكره؛ وسواده التصراني الذي كان شخصية مرموقة في الإدارة المالية ونظرائهماء كما أعاد النظر في الهيئات الإدارية في مختلف أقاليم الدولةء وعين أحد أبنائه أو ثقاته عاملا على كل إقليمء ومنحهم سلطات واسعة لتتام لهم حرية الحركة والقدرة الكبيرة على مواجهة ها يستجد من ظروف في الوقت المناسب». ولكن تحت رقابته المباشرة .

وكان من بين ما تضمتته إصلاحاته الإدارية أيضاً وضع الوظائف الرئيسية في الدولة في إطارها الصحيح بعد تراجع حاد في مكانة بعضهاء وعدم تحديد معالم بعض أنخحره ومن ذلك وظيفة الوزير التي كانت من قبل ذات أهمية ضثيلةء وكثير! ما كان لقب وزير لا يعدو لقباً تشريفيآء ويعزو هوبكئز ذلك إلى سيبين ركئيسيين هما: كفاءة العديد من الأمراء ويالتائي اعتمادهم على أنفسهم في إدارة الدولة إلى حد بعيدء ثم تجئشب إثارة الخلافة عليهمء إذ كان تعيين الوزراء امتيازاً تقليدياً لهاء أي إنه من السمات اللخاصة بالدولة المستقلة وهىي صفة لا تنطبق على دولتهم لأنهم كأنوا ولاة للعياسيين من وجهة النظر الرسمية. وبالتالي فإن مثل هذا التحيين يمكن أن يعتبر بأنه يشكل عنصر منافسة للخلافة''. ومع ذلك فقد كان

. انظر شارل أندري جوليان: المرجع السابق ج7” ص78‎ )١( (؟) أنظر هويكتز: المرجع السابق ص/ا؟؛» كذلك شار أندري جوليان : المرجع ب‎

لضن

لبعضهم وزراء. إلا أن أهميتهم كانت محدودة كما أسلفنا القول. وأما في عهد الأمير إبراهيم. الذي كان من بين القلة التى اتخذت الوزراء”'2. فقد برزت هذه الأهمية بشكل واضح» وتقررت مهام هذه الوظيفة» فأصبيحت على نسق ما كانت عليه في الدول الإسلامية المستقلة» وكان وزراؤه وزراء تنفيذ وليس تفويضصء ومن أشهرهم أبو عبد الله بن أبي إسحاق الذي أظهر قدرة فائقة في تسيير الأمور والتغلب على الأزمات يحتكته وحص تدبيرهء نشخص بالذكر منها -جهوده إبّانَ ثورة الدراه,”'؟» وقد واصلت وظيفة الوزير ارتقاءها في الدولة الاأغلبية بعد ذلك ححتى كان عبد الله بن الصائغ ونير زيادة الله الثالث آخر أمرائها يتمتع بنفوذ كبير أشبه بنفوذ وزراء التفويضر0".

وينطبق مثل هذا القول على وظيفة الكاتب أيضاء ذلك أن هذه الوظيفة بمدلولها المفهوم لم تكن في الدولة الأغلبية من قيل» وليس ذلك فحسب» بل لم يكن مرغوباً فيها من قبل المثقفين من علية القوم» وكان الأمراء يعتمدون في حاجاتهم ودواوينهم على بعض أصحاب الأقلام المتواضعيه) وتبعآ لذلك وكما يقول هويكثز: (لم يكن على حد علمنا ثمة موظف يعرف بالكاتب مجرداً فحسبء بل إن الكلمة لم تستعمل في الأسماء المركبة

ككاتب السر...إلخ كما كان في الدول الأخحرى)””2. فاستحدث الأمير إبراهيم هذه الو ظيفة حيث بدأ يتولاها منذئل أحد كبار الكتاب والمترسلين ممن عرفت لهم مكانة عالية في ميدان العلم والأدب» كان منهم في هذا

- السابق ج؟ صم .

)١(‏ أنظر هوبكئر: المرجم السابق ص.نكلا وما بعدها.

(5©) إنظر ابن عذارى: المصدر السابق ج١‏ ص١17.‏

(9) أنظر هويكنز: المرجع السابق صيلا”.

(5) انظر شارل أندري جوليان: المرجع السابق ج؟ ص58". ©) هويكنز: المرجع السابق ص 55.

ع

العهد ابن حيون البريدي» وأبو اليسر الشيباني نفسه الآنف الذكرء الذي يقول عنه ابن عذاري أنه (كتب لبئي الأغلب حتى انصرمت أيامهم)!"©2, والذي كتب للمهدي الفاطمي فيما بعذء وأحمد بن محمد بن -حمزة الذي تولى الحجابة فترة من الزمن أيضاً وكان يتمتع بنفوذ كبير'"".

وسرت روح التطوير والارتقاء إلى وظيفة الحاجب أيضاً في هذا العهد. فقد كان شاغل هذه الوظيفة من قبل يقوم بمهام لا تبعد كثيراً عن هذا المدلول» إلا أن الأمر قد اختلف في عهد الأمير إبراهيم» إذ أسندت لهذه الوظيفة من المهام ما جعل كبار رجالات الدولة لا يجدون غضاضة في توليهاء فقد أصبح الحاجب المستشار الأكثر قرباً من غيره من الأمير الذي تصدر الكثير من الأمور عن رأيه فضلا عن تمتعه بثقتة ؛ وأحياناً كاتم سيره وأما المهام الأصلية لوظيفتهء فكان يقوم بها أحد أعوانه.

ومما يؤكد أهمية مكانته في هذا العهدء أن اثنين من بين الخمسه الذين حجبوا للأمير إبراهيم ووصلتنا أسماؤهم كاأنا رجلين عسكريين» هما محمد بن قرهب الذي ينتمي إلى أسرة عسكرية معروفة» والحسن بن ناقد الذي ذكر بأنه كان والياً على صقلية» وهو أمر صعب الحدوث أن يتولى قائد عسكري الحجابة ولا أن مكانتها كانت مرموقة بالفعحل» ولا يقل الغلاثة الأخرون عن زميلهم في الأهمية وهم أحمد بن محمد بن حمزة الآنف الذكرء الذي بلغ من قوة نفوذه ودالته على الأمير إبراهيم أنه كان كاتم أسرارهء وأنه تمكن من الحصول على تعيين ابن عمه والياً على القيروات» ثم نصر بن الصمصامة الذي لا شك في أنه كان ينتمي إلى بني الصمصامة إحدى القبائل المعروفة في الزاب»ء وثالثهم فتاه (فتح) الصقلبي

(1) ابن عذارى: المصدر السابق جا ص27 1, (5) هويكتز: المرجع السابق ص5 .

الذي كان هو الآخر واسع النفوذ في قصر الإمارة”'؟» وهكذا سمت مكانة المحجاية في الدولة ولم تعد مسجرد وظبقة كأنوية.

وعمادٌ بالقول المآثور (العدل أساس الملك). أولى الأمير إبراهيم االقضاء القدر الذي يستحقه من عنايته» لنشر العدل بين الرعية الذي كان من أول إهتماماتهء ذلك حرص على اختيار قنناته من بين الفقهاء الذين عرفوا بسعة العلم والنزاهة والجرأة في الحق مثل سليمان بن عمراك واأبن طالب التميمي وعيسى بن مسكين وابن عبدون ونظرائهم»؛ وكان يمنحهم سلطات مطلقة في تنفيل أحكامهم حتى ولو على مغرق رأسهء ويضم إليهم من الكتاب ممن عرقوا بالتفقه والتدرب في الأحكام والاستقامة مثل عبدالله ابن محمد بن مفرج المعروففه بابن البناء الذي ضمه إلى عيسى بن مسكين””؟» هذا من ناحية» ومن ناحية ثانية كان هو الوحيد من بين أمراء الأغالبة الذي كان يجلس للنظر في المظالم”' جريا على سنة الحكام المسلمين العظامء ويعتبر النظر في المظالم من مستحدثاته في النظام القضائي في الدولة الأغلبية» فكان يجلس لهذا الغرض في جامع القيروان يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع كما ذكره ابن الأثير”': في حين يقول الرقيق القيرواني في رواية أوردها النويري: (أنه كان أنصف الملوك للرعية» لايرد عنه متظلم يأتيهء وكان يجلس بعد صلاة الجمعة» وينادي مناديه: من له مظلمة: فريما لم يأته أحد لكف بعض الناس من يعض »

)١(‏ انظر هوبكئر: المرجع السابق ص05 وما بعدعاء كذلك شال أندري جوليان: المرجع السابق ج؟ ص8 .

(؟) انظر القاضي عياض : المصدر السابق صن207؟؟ .

(*» انظر هويكثر: المرجع السابق صر/779 وما بعدها.

(5) ابن الأثير: المصدر السابق جح" صن0.

ال

هذاء وكان يقمع أصحاب الأقدار والأغنياء عن الظلم ويعمل على إنصاف الرعية «فهم مادة الملك» ويبالغ في عقوبة أهل بيته وولده إذا ظلمواء وهو ينصف المتظلمين حتى من والدته)0 .

ولم يقف أهتمامه برد المظالم عند هذا الحدء اذ يذكر التويري أنه كان ييجعل أولاده ورجالات دولته يأمرون عبيذلهم وأتباعهم بالطواف يوم الخميس في الأحياء والأزقة والفنادق يبحثون إن كان هناك شاك أو متظلم من عبيد أو وكيل «فإذا وجدوا أحدا أتوا به إلى دار ولد الأمير أو قرابته

)١(‏ انظر النويري: المصئر السابق جم؟؟ ص7١‏ آء اإنظر كذلك د. سعد زغلول عبدالحميد المرجع السابق ج؟ ص 158-159 , وأما إنصافه المتظلمين حتى من والدته كما ورد في النصء فإن والدته الأميرة السيدة (أتراب) كانت ذات شخصية قوية ولها مكانة رفيعة في قلب ولدهاء وكان لها نفوذ قوي ومشاركة في الحياة العامة حتى أنها ارتبطت بمعاملات تجارية مع يعض كبار التجار وأصحاب القواقل» من ذلك»: ها يرويه التويري عن قصة تاجرين قرويين (من أعل القيروان) كأنا قد شاركاها في تجارة فالتوت عليهما في بعض حقهما فأتيا إلى الأمير إبراهيم وهو بمقصورة المسجد الجامع بالقيروان ينظر في المظالم ورفعا إليه مظلمتهما قائلين: كنا شريكين للسيدة في جمال وغيرهاء فاحتيست لنا ست مثة دينارء فأرسل خادما إلى والدته يسألها عن الأمر. ورجم الخادم يخبرء على لساتهاء نعم أن الأمر كما ذكرا: (إلا أن بيني وبيتهما حساباً» وإنما احتبست هذا المال حتى أحاسبهما: فإن بقي عليهما شيء؛ وإلا دقعت مالهما إليهما» فوجه إليها يقسم أنها إث لم توجه المأل إلى صاحبيهء فإنه سيجعلها تقف في التو واللحظة مم خصميها بين يدي صاحب المظالم عيسى بن مسكينء فقانصاعحت للأمر ووجهت بالمال فسلمه إليهما قائلا: «أما أنا فقد أنصفتكما فيم! ادعيتماء فاذهيا واقطعا حسابهاء وإلا فأنتما أعلم. انظر النويري: المصنر السابق س؟”؟ ص”7؟1 أء كذلك د. سعد زضلول عبد اللحميد المرجع السابق ج؟ ص؟2١‏ وما بعدها.

ب ؟

فينصفه»!'؟. وظل الأمير إبراهيم ينظر بنفسه في المظالم ما يقارب الخمسة عشر عاماء ثم حينما زادت الأعياء عليه أسند 'هذه المهمة لابته وولي عهده أبي العياس أحمد بن إبراهيم في سنة 4لالاه / 2©"0841. وهكذا نيم العدل على ربوع إفريقية في عهدهء وأمن الناس على حقوقهم: كما أمنوا باجراءاته الأمنية على أرواحهم وممتلكاتهم.

ونظراً لما كان لنظام البريد من أهمية كبيرة في إدارة الدولة بوصف صاحبه الذي كان في الدولة الأغلبية هو أيضاً صاحب الشرطة0” كان يقوم بمراقبة العمال والقضاة وباقي الموظفين» والسلع والأسعار في الأسواق» ويكتب للأمير بما يستجد من أمور في ناحيته» فضلاً عن التجسس على الأعداىء فقد استدت إليه يد الأمير إبراهيم بالتنظيم والتطويرء قريط أنحاء دولته بالعاصمة بشبكة بريدية منظمة زودها بالمحطات والدواسب» وعن المعتقد أنه أفرد له ديواناً خاصاء كما تفيد بعض النصوص التارييخية أن الحصون والرباطات الساحلية كانت في عهده تتخابر فيما بينهما بوسيلة مبتكرة هى إشارات معيئة بالنار ليلا وبالتدخين نهار عن تحركات العدو (حتى كأن يوقد النار من سيتة فيصل الخبر إلى الإسكندرية في الليلة الواحدة)”*'» ومن المرجح أيضاً أنه كان هو الذي أدخخل استعمال الحمام الزاجل في نقل الرسائل المستعجلة والذي جرى التوسع في استعماله في

الحميد : المرجع السابق 5 ص 125 . را ابن عذارى: المصنر السابق حا ص”7١‏ ء اكذلك هوبكدئز: امرجم السايق خض ١‏ . هر هوبكتز: المرجع السابق ص07 وما بعدهاء ويقول أنه كان يسمى بالإضافة لأ 0-6 البريدك» صأحب: الكشقب؛ وصاحب الشير . ١‏ أبن الأثير: المصدر السابق اج صن98 .

8

إفريقية لهذا الغرض في عهد خلفائه من بعدهء ثم وعلى نطاق أوسع في الدولة الفاطمية منذ عهد المهدي خليفتها الأول20.

كما أعاد النظر في تنظيم الجيشء إذ من المعروف أن الجيش الأغلبي كان يتضمن عناصر متعددةء فهنالك العربء ومنهم من كان من أبناء ألذين استقروا في إفريقية منذ الفتح أو الوافدين إليها فيما بعدء وكانوا يشكلون معظم فثة الغفرسان. ثم الخراسانية وهم من أبناء الجند الذين قدموا إلى إفريقية مع الجيوش العباسية في أزمنة مختلفة» وأغلبهم كانو! مشاأةء والبربر وكان معظمهم يستفر للقتال عند الحاجةء وكان نفور هذه العناصر بعضهاً من بعض. يسبب المتاعب للأمراءء ولذلك» حاولوا منذ وقت مبكر التقليل من اعتمادهم عليها جميعاً قي أمورهمء وإدخال عناصر جديدة للمجيش يكون معولهم عليهاء ويذكر التاريخ أن إبراهيم الأول مؤسس الذدولة استخدم العبيد السود كحرس شخصي لهء ثم استكثر منهم حتى بِلْم عددهم في عهذله عشرة آلاف جندي » ليأ أن خلقاءه أهملوا هق لام واستبدلوهم بعنصر جديد هو الصقالبة الذين اتخذوا منهم في البداية خدمهم وحرسهم الشخصيء ثم استكثروا منهم حتى أصبحوا قوة لا يستهان بها في الجيش الأغلبي .

ويبدو أن هؤلاء الصقالبة الذين ارتبطوا بالأغالية برابطة الولاء شعروا بمكانتهم وأهميتهم منذ عهد أبي الغرانيق» فرأوا أنهم لا بد وأن يتمتعوا ببعض الامتيازات وأن تكون لهم كلمة مسموعة. وهم في ذلك ساروا على نهج نظرائهم من العناصر التي دلت في مخدمة حكام المسلمين في ممختلف الأزمنة منئم أتراك» ومماليك. وإنكشارية وسواهم ٠‏ ويمكن في

)1١(‏ أنظر ابن عذارى: المصدر السابق ج١1‏ ص156ق01970 كذلك هويكتز: المررجع السابق صريارت ,

اح

ضوء هذ!ا الاعتبار تعليل محاربتهم للأمير إبراهيم عند توليه الإمارة» إذ أنهم أرادوا على ما يبدو في الحكم طفلاً يسيرونه حسب مشيثتهمء ثم تمردهم عليه حينما انتقل إلى رقادة» وترك قسما كبيراً منهم في العباسية أن ذلك أبعدهم عن مركز الدولة وبالتالي أبعذهم عن المشاركة في توجيهها وحرمهم من الامتيازات التي كانوا يتمتعونث بها.

وعلى ذلك» رأى الأمير إبراهيم أنه لمواجهة الحوادث والمشاكل التي ثأرت في وجههء لا يد من الاعتماد على عنصر جديد يدين له بالطاعة المطلقة»؛ فعاد إلى استخدام العبيد السود مقتدياً بذلك بجده إبراهيم الأول» ويرى (دي سلان) أن هؤلاء العبيد الذين استخدمهم الأمير إبراهيمء كانوا أبناء الأول عبيد -جدهء إلا أن هويكئز يستبعد ذلك”؟ ويرى أنه حصل عليهم عن طريق الشراىء وأيآ كان الأمرء فإنه استكثر علهم وذربهم تدريياً عسكرياً ممتازاً ووضعهم تحث إمرة قائدين منهم همأ ميمون وراشد حسب رواية النويري”'': في حين يقول هوبكنر أنهم وضعوا تحت إمرة قواد صقالبة” .

وقد اتحتلفت المصادر التاريضية في تحديف عددهم» قالمقل منهم يجعلهم ثلاثة آلاف» والمكثر يسجعلهم مئة ألفء وفي القول الأخير بلا شك مبالغة واضحةء وأغلب الظن أن عددهم لم يزد عن عشرة آلاف في وقت من الأوقات7 2 وعلى أية -حال»: فإنهم في سنة شلالاه / 19/4ه

0( أنظر حوبكنز: المرءجع السابق منى*5١.‏ 2 النويري: المصدر السابق جرلا ص1!19. (9) هوبكدئر: المرجع السابق صزه ١٠#‏ انظر كذلك ابن عذارى: المصدر السابق ج١‏

ص7 55 ., (:) انظر عن ذلك التويري: المصنر السابق ح؟”؟ ص9١١!].‏ ابن عذارى: المصدر -

2

(91م / 597)ء حلوا محل الجنود الصقالبةء وأصبحوا يشكلون قوة ضاربة في الجيش فضلاً عن الحرس الشخصي للأميرء ظلت على ولائها له وشاركت في حرويه منذئذ مما جعله يقلل من اعتماده على عناصر الجيش الأخرى حتى تراجعت مكانتهاء وكان من أشهر الحروب التي شاركوا فيهاء إخحماد الثورة الثانية لمدينة تونس» ثم ضد أباضية ونفوسة اللتين سبقت الإشارة إليهما. ومنهم من وصل إلى رتبة أمير مطوق مثل ميمون الآنف الذكر الذي فتل مع عدد منهم في الحرب الأخيرةة؟؟.

وما يذكر في هذا المجال أيضآاء أن الأمير إبراهيم نظم ديوإن الجيش»ء وأسقط منه الذين كان يشك في ولائهم. وزاد في رواتب الجندء ومع أننا لا نعلم مقدار هذه الزيادة بالضبطء إلا أننا يمكتنا تقديرها بصورة تقريبية. فقد كان الأمير عبد الله الأول يدفع لهم منذ ولايته على طرابلس أربعة دراهم للغارس ودرهمين للراجل في كل يوم*؟» أما الأمير إبراهيم فقد دفع لجنده رواتبهم في صقلية عند رحيله إليها للجهاد. إذ تقول الرواية أنه أمر بالعطاءء فأعطى الفارس عشرين ديناراً والراجل عشرةة". وحيث أن صرف الديئار هو عشرة دراعم. فإن ذلك يعني أن هذه الرواتب أصبحت في عهده متتي درهم للفارس ومئة للراجل شهرياء وعلى ذلك فإن الراتب الشهري للفارس قد زاد (40) درهماً وللراجل (50) درهماً عما كان عليه في عهذ الأمير ميد الله .

السابق ج١‏ عصن177. د. سعد زغلول عبد الحميد: المرجع السايق ج7؟ ص7١‏ وما بعثيهاً .

() انظر ابن عذارى: المصدر السايق ج١‏ صة ١7‏ النويري: المصدر السابق سر؟؟ ص 139١‏ !. د. سعد زغلول عبد الحميد: المرجم السابق ج؟ ص؟47١.‏

(؟) انظر هويكتر: المرجع السابق م178 .

() انظر د. سعد زغلول عبد اللحميد: المرجع السايق ج” ص81 ؟.

ولا شك في أن صراعه مع البيزنطيين في البحر المتوسطء فرت الاهتمام بالأسطول» فمن المرجحم أنه أفرد له ديواناً خاصاً يشرة شؤونهء كما أولى دار الصناعة في سوسه قدرا كبيراً من عنايته المركز الرئيسي لبتاء السفن الحربية وقاعدة الأسطول الأغلبي وقتئذء كما جدد دار الصناعة في تونس أيضاء وألحق يهما مر الصناع على اختلاف تخصصاتهم وأمدهما بما يحتاجانه من مواد ك والحديد والقطران وكتان القلوع وقنب الحبال والتي كانت كلها تنتب مما يفي بمتطلبات نشاطه البحري» وتوسع بصفة خاصة في إنتاج اله التي كانت تقذف النار اليونانية» والتيى كان مسلمو إفريقية قد للكشف عن سرها في تلك الاونة وبرز من علمائهم من تخصه صناعتها مثل ابن القيار الذى كان من بين نكبة العلماء الذين ضمه الأمير إبراهيم كما سيأتي ذكرهء ونتيجة لكل ذلك تمكن الأسطول ١‏ في هذا العهد من إحراز عدة انتصارات كبيرة على نظيره البيزنطم وفرض سيادته على عياه وسط البحر الآبيض المتوسط بلا منازع.

ويناء على ما تقدمء نخلص إلى نتيجة هامة هي أن الأمير إبراهي السياسية الإصلاحية» ارتقى بأجهزة الدولة من أجهزة متواضعة لإدار: إلى مؤسسات إدارية وسياسية متكاملة وفق أحدث ما كان معمول نظم في ذلك العصر لإدارة دولة -حديثة قائمة بذاتهاء الأمر الذي يج نغالي إذا قلنا أنه كان المجدد للدولة الأغلبية. انتعاش الحياة الاقتصادية :

يقول ابن خلدون في مقدمته: (فعلى نسبة حال الدولة يكون الرعاياء وعلى نسبة يسار الرعايا وكثرتهم يكون مال الدولة» وأصا

5

العمران وكثرته)؟'؟: فهو يشير بوضوح في هذا النص إلى العلاقة الوثيقة بين وضع الدولة والرخاء الاقتصادي لها وللرعية معأء وحيث أن حال الدولة الأغلبية قد تطور إلى الأحسن في عهد الأمير إيراهيم كما بيتأه اتفاًء وانتقفلت بجهوده من طور إلى طورء فإنه كان لا يد أن يتعكس ذلك إيجابياً على الحياة الاقتصادية فيهاء فقد شهد اقتصاد إفريقية في هذه الغترة نهضة واسعة في مختلف فروعه مما جعل الرخاء يعم قطاعات كثيرة من الرعية بالرغم من بعض المعوقات التي تمثلت في الثورات والاضطرايات التي سيقت الإشارة إليهاء والتي أمكن التغلب على غالبيتها.

الزراعة ,

من المعروف أن المناطق الكبرى المنتجة للحبوب في -حوض البحر المتوسط كانت ثلاث مناطق هى: إفريقيةء ومصرء وبلاد الشامء فقد بلغ من وفرة إنتاج إفريقية من الحبوب أن بعض نواحيها مثل المنطقة الواقعة بين القيروان والكاف كان يجود فيها القمح في سني الخصب بنسبة مئة حبة لحبة البذر الواحدة”''» ومثلها منطقة باجه التي سميت باجة القمح لجودته فيهاء وينطبق نفس الأمر على باقي أنواح اللحبوب» ولذلك ليس من الغريب أن تدعى بأهراء روما في العصر الروماني نظرا لأنه كانت توفر للرومات قسماً كبيراً من قوتهمء وقامت بنفس هذا الدور بالنسبة للبيزنطيين»؛ وأما الأشجار كالزيتون والتين والكرمة وغيرها فقد كثرت في ربوعها في العصر الروماني حتى كانت أشبه بحديقة كبيرة.

04 أبن علدون : المقدمة. صى؟*؟. 0( أانظر نجأة بأشا : التجارة شي المغرب الإسلامي عر القرن الرأبع إلى القرت التامن للهجرة ص27 .

5

ومع أن الفلاحة والعناية بالأرض الزراعية قد تراجعت فيها إلى حمد كبير قبيل الفتح الإسلامي نتيجة للهجمة الوندالية المدمرة» وللسياسة الاضطهادية التي مارسها البيزنطيون ضد أهلها منذ قضائهم على دولة الوندال وبسط نفوذهم عليها واشتطاطهم في جمع الضرائب مما جعل كثيراً من الفلاحين يهجرون أراضيهمء ثم أثناء الفتح نتيجة للسياسة الخرقاء التي انتهجها بعض من قادوا المقاومة ضد المسلمين مثل الكاهئة التي كان تدمير المزارع وقطع الأشجار لتزهيدهم فيها كما اعتقدت يمثل ركناً هاما في حركتهاء إلا أنه منذ أستقرار الفتح ويما عرف عن المسلمين من تشجيع للاقتصاد بل والحضارة بوجه عام» وبما وفروه من أمن وسلام واستقرار في البلاد التي أظلها الإسلام بظله عادت الزراعة في إفريقية إلى نشاطها من -جديد.

وقد اهتم أمراء الأغالبة منذ قيام دولتهم بتشجيع الزراعة في ربوع إفريقيةء فأعيد إصلاح ما كان قد دمر من مزارع بفعل الثشورات والانتفاضاتء» كما أعيد تعمير شيكة قنوات الري من جديد» وأضيف إليها من السواقي والقئوات الحجرية أو الحنايا والخزانات الضخمة لحفظ الميآه وتوزيعها عند الحاجة ما جعل هله الشبكة تمتد في طول البلاد وعرضها بحيث أصبحت تروي مناطق نائية» واستصلحت أراض جديدة لم تكن قد استغخلت من قبلء الأمر الذي جعل جوليان يقول بأنهم انتهجوا سياسة اقتصادية واعية في ميدآن الماء (ويشهد بذلك ما أقاموه من مخازن ميأه وحناياء ويظهر أن إفريقية عاشت في القرن التاسع فترة رخخاء؟ء يضاف إلى ذلك اهتمامهم بأستيطان زراعات جديدة في المناطق الحارة والسقوية منها ها .-جلبي من الشرق الأقصى كالأرزء وقصب السكرء والقطن»

() شارل أندري جوليات : المرجع السابق ج؟ ص18-59 .

ء:

والموالح (الحمضيات)»ء ومنها ما جلب من إفريقية السوداء كالذرة!2» حتى عادث لإفريقية خحضرتهأا ورونقهأا وعادت لاسحكياف دورها في العطاء عي جديد .

وما يهمنا من هذا العصر هو عهد الأمير إبراهيم بالذات الذي تجلى هذا النشاط الزراعي في زمته بأبهى صوره. ويعود ذلك في اعتقادنا لعدة أسياس أهمها أن الازدهار الاقتصادى واستباب الأمن هما الدعامتان الرئيسيتاتن لازدهار الحضارةء وما دام قد أخط على عاتقه النهوض بدولته نهضة شأملة فلا بد أن تحظى الزراعة بوصفها أحد أركان الاقتصاد الرئيسية بالقدر الذي تستحقه من عنايته» لما توفره من رنحاء لرعيته فضلاً عن قوتها الضروري للحياة والتي كانت في ازدياد مستمر لأن إفريقية أصبحت وقتئذ أكثر من أي وقت مضى مركز جذب للسكان بدليل كثرة الوافدين إليها على اختلاف أنواعهم من رقيق وتعجار وصناع وعلماء وغيرهي'”*ولما تدره أيضاً من دخل لخزانته بوصف الخراج المتحصل منها كان المورد الرئيسي لتلك الخزانة؛ وبالتالي يمثل العمود الفقري للنهضة التي كان ينشدها.

وثاني هذه العوامل» هو أن كثيراً من المنتجات الزراعية أصبحت وقتئذ سلعآ أساسية في قائمة التبادل التجاري سواء على نطاق التجارة الداخلية أو بالنسبة للتجارة اللخارجية لا سيما مع قلب القارة الإفريقية والتي عرفت بالتجارة الصحراوية مثل التمور والربيب»: والحيوبء والسكرء والزيت»

(1) انظر نجاة باشأ: المرجم السابق ص2 .

(؟) يقدر الاقتصاديون أن تجمعا سكانياً من ثلاثة آلاف نفس يحتاج لقوته حوائي درذكلم؟ من الأراضي الزراعية الخصبة ابتداء من القرن الحادي عشر للميلاه لضعف وسائل الزراعة أنذاك (انظر د. الحبيب الجدحاني: المغرب الإسلامي - الحياة الامتصادية والاجتماعية ((-4ه / 9-١1م)))‏ صن 6 وما بعدها).

0

واللحوم كما سيأتي ذكرهء إذ كان لا بد من تلبية متطلبات التعجارة التي نشطت في هذا العهد من هذه الموارد والتي كانت تدر أرباحاً كبيرة.

وثالثهاء هو غلبة الطابع الديني وفتئذء وتأثير الفقهاء في الحياة العامة أذ أن الكثير منهم كأن يتحاشى العمل في وظاتف الدوئة وحتى في قطاع التجارةء بخاصة التجارة الخارجية» مما جعل هؤلاء يتجهون إلى الزراعة» ودليلنا على ذلك ما ذكره المالكيى عن الإمام سحتون أنه عرض على صاحبه سعيد بن عباد صرة مال مقسماً له أنها (ما هي من مال سلطان» ولا من تاجرء ولا من وصيةء وإنما هى ثمرة بعتهاء غرستها بيدي». فخذها تتقوى بها على أمر أخخرتك ودنياك؟: وفي ذلك يقول القاضي عياض عنه أيضاً أنه كان يملك اشي عشر ألف شجرة زيتون2©”0» وإذا كان الإمام سحنون قد توفي قبيل عهد الأمير إبراهيم سئة ٠54اه)‏ فإن تلاميذه هم الذين كانوا يوجهون الحياة الدينية في إفريقية في هذا العهد وهم الذين كانوا نخبة علمائها وقصل.

ثم من ذلك أيضاً ما يذكره القاضي عياض من أن عبد الرحيم بن عبد ربه الربعي المعروف بالزاهد أحد تلاميذ الإمام سحنون الآتئف الذكر والذي عاصر الأمير إبراهيم كان يملك سبعة عشر ألف شجرة زيتون”” ولم يكن هؤلاء يجدون غضاضة في العمل في الزراعة بأيديهمء وكانوا يغادرون المدن للإقامة في ضياعهم ومزارعهم لجمع المحصول في أوقاته” 1 ؟: وكأان ؤلاء هم قدوة العامة؛ لذلك فإنه مما لا شك فيه أنهم بفعلهم هذا قد

مالكي: رياض التفوس ج١٠١‏ ص١5؟.‏

القاضي عياض : المصثر السابق ص؟157 .

القاضي عياض : المصدر السايق عن”17 .

انظر القاضي عياض : المصدر السابق صلاقواة97.

2

وجهوا الكثير من الناس للعمل في الزراعة.

ولعل رابعها كثرة الرقيق الذي كان يجلب إلى إفريقية في تلك الفترة» حيث كان يلحق قسم منهم ويصفة خاصة الرقيق الأسود للعمل في هذا القطاع لما عرف عن هؤلاء من جلد وقدرة على تحمل العمل الشاق فضلاً عن رخص تكلفتهمء وهو أمر لم تنفرد به إفريقية دون أقطار العالم الإسلامي» بل جرى مثله في العديد متها مثل العراق ويلاد الشام «حيث كان العبيد يُستغلون في خدمة الأرضء وأخيراً وليس أآخرا حاجة بعض الصناعات المتزايدة للمواد الأولية الزراعية مثل صناعات النسيج والصابون والسكر وطحن الغلال والدبس والتبيذ والعطور وغيرها.

ولكل هذه الأسباب مجتمعة نشطت الزراعة في هذا العهد نشاطأً لم يسبق له مثيل بحيث أصبحت مساحة الأرض المستغلة تشكل قسماً كبيرآ من أراضي إفريقية» وزاد الإنتاج وتنوع عن ذي قبل» ولعل خير دليل على ذلك هو ما ذكره اليعقوبي الذي ساح في إفريقية والمغرب في هله الفترة حيث قال أن المنطقة الممتدة بين قمودة (سيدي بوزيد) والساحل كانت تزهو بخضرتها وأشجارهاء ويعلق جورج مارسيه على ذلك بقوله: إن أشجار الزيتون قد انتشرت في المنطقة التي تمتد لمسافة )١6١(‏ (2.م. وكذلك في كل [قليم الساحل» كما انتشرت فيها البساتين التي زخردت بمختلف الأشجار المثمرة والقرى التي كادت تلامس بعضها البعض من كثرة ازدحامهاء وكان لكل قرية منها معصرة الزيت الخاصة بهل كما ويمكن اعتبار غرس البساتين وجناث رقادة وما استتئبت فيها من صنئوف الأشجار والرياحين وما أجري فيها من مياهء والتي كانت نموذجاً احتذاه الناس دليلا أغمر على هذا التشاط وعلى جهود الأمير إبراعيم فيه.

. أنظر د. سعد زغلول عيد الحميد: المرجم السايق ج؟ ص2560‎ )١(

با

وكان لا بد أن يتعكس هذا النشاط إيجابياً على الثروة الحيوانية أيضاء وكان ذلك سببا ونتيجة له في نفس ألوقت»ء فقد تطلب الأمر زيادة أعداد الحيوانات المستخدمة في العمل الزراعي» ويزيادة رقعة الأراضي المزروعة توفر الغذاء لقطعان جديدة من الحيوانات فضلا عن تلك التي كانت ترتع في مروج اللجنوب لتفي بالحاجة المتزايدة من اللحوم والأصواف والجلود والألبان تبعاً لازدياد العمران.

وبناء على ما تقدمء لم نعد نستغخرب ما ذكره اليعقوبي عن إزدهار الزراعة في هذا العهد كما أشرنا إليه أنفآء ومن بعده البكري الذي زار فريقية بعد ذلك والذي قال بأنه كان يخرج من توزر في بلاد الجريد آلف حمل من التمور كل يوم إلى مختلف الجهات”'*: وأن جباية هذه البلاد كانت مئثتي ألف دينار””"“ء وجنات الفستق كانت في قفصه مترامية الأطراف ومنها كان يصدر إلى مصر والأندلس وسجلماسةء» وأن جلولاء كانت تمير القيروان بقصب السكر والثمار والبقول””» وأنه كان يحمل من باجة كل يوم ألف حمل بعير من الحبوب إلى تونس والقيروان”**»: إلى غير ذلك من النتصوص التي تؤكد هذا الازدهار الذي لم يخلق فجأة» وإنما تعود -جذوره إلى فترة سابقة على زيارته بطبيعة الحال.

الصناعة : إن التطور العمراني في مصر من الأمصار يؤدي بالضرورة إلى نشاط الصناعة فيهء وفي ذلك يقول أبن خلدون في مقدمته: (إن المكاسب إنما

. ١ البكري: المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب: صرلةى‎ )١( . البكري : المصنر السابق صرة ؛‎ )90( البكري: المصدر السابق ص7.‎ 47"

البكرى : المصدر السابق ص23 .

حر

هي قيم الأعمال» فإذ! كثرت الأعمال كثرثك قيمهأ بينهم [السكان] فكثرت مكاسبهم ضرورة ودعتهم أحوال الرفه والغنى إلى الترف وحاجاته من التأنق في المساكنء والملابس واستجادة الأنية والماعون واتخاذ الخدم والمراكب وهذله كلها أعمال تستدعى بقيمها ويشتار المهرة في صناعتها والقيام عليها فتنفق أسواق الأعمال والصنائع ويكثر دخخل المصر وخرجه ويحصل اليسار لمنتتحلي ذلك من قبل أعمالهم ومتى زاد العمران زادت الأعمال ثانية ثم زاد الترف تابعا للكسب وزادت عوائده وحاجاته واستتبطت الصنائع لتحصيلها فزادت قيمتها وتضاعف الكسب في المدينة لذلك ثانية ونفقت سوق الأعمال بها أكثر من الأول...'أ: فهو يصور في هذا النص حركة الصناعة ويعلل أسباب نشوئها وتطورها والفائدة المحصلة منها للممجتمم .

وعلى ذلك» فإن التطور العمراني الكبير الذي شهدته إفريقية في عهد الأمير إبراهيم قد أدى إلى تطور الحرف وتنوع المهن» وابتكار صتاعات جديدة لمواكبة هذا التطورء وأصبح يمارسها قطاع كبير من الطبقة الشعبية بعد أن حظيت باحترام المجتمع» يدل على ذلك كثرة الأسماء في كتب التراجم والطبقات التي تلقب أصحابها بإحدى هذه الصنامات أو الحرف وتعود لتلك الفعرة مثل : البناءء اللبادء الحائك» الخياط» الرقاءء الطلاءء الصباغء الصايغ» القيارء الخرافء الخرازء الدياغء الزجاجحء القتصارء الخرابلي » الحداد. . . إلخ.

ومع أن الصناعة في إفريقية بقيت أنذاك في إطار الحرفية» إلا أن ذلك لم يقف حائلاً دون عملية التطوير والتحسين وزيادة الإنتاج لتلبية حاجات الاستهلاك المحلي» ومتطلبات التيادل التجاري» سواء مع المشرق أو مع بلاد السودان الغربي» فقد ورد من النصوص التاريشية ما يؤكد أن هنالك

(1) أبن خعلدون: المقدمة عى .١5١١‏

6

مصئوعات إفريقية كانت تصدر إلى الأخخيرة منذ النصف الثاني من القرن الثانى الهسجري”2. وإذا استعرضنا هذه الصناعات نلاحظ أنها قد تركزت في الفترة التي * الصناعات المتعلقة بالبناء والتشييد: كالطوب الذي كان يصئع من الطين والتبن » والأجر» والأحشاب» وقطع الحجارة »؛ والخزفء والزجاجء والكلس » وما يتبع ذلك هو أعماأل التجارة والأمحدادة » وألتي أزدهرت جميعاً وقتئذ لتفي بمتطلبات حركة المعمار التي نشطت إلى حد كبير سواء على المستوى الرسهي أو الشعبي وقد تمثل ذلك قي بتأم القصور والحصون والأسوار كما سيأتي ذكره. صتاعة الْغزل والنسيح ومأ يتبعهأ عر القصارة والصباغة وتركيب الألوان: والتي اشتد عليها الطلب وقتئذ في المشرق والمغرب على حد سواء لما نالته بعض أنواع منسوجات إفريقية من شهرة مثل البسط والسبجاد فضالة عن المنسوجات الصوفية الأخرى التي اشتهرت بها سوسة: ودقة صتعهاء والقطنية وكذلكت القطيية الحريرية التي لخب حب فيهاأ سوسة أيضاء وقد بلغ من نشاط هذه الصناعة أن النساء كن يغزلن الخيوط في عو فك + ثم إهأ يبعنه غزلا كما ذكره الدباغ في ثرجمته لذبي عمرق بن + بن عمرو القاضي الزاهد من أن معيشته كانت من عمل جارية سوداء

إنظر المالكي : المصدر السابق ج طأاص 2١١97“‏ كذلك د المحبيب الجتسحاني : المرجع السابق ص 28. 59.

له كانت (تغزل وتبيع غزلها وتطعمه' أو يقمن بنسجه في مناسج في

نا المصتوعات المجتدية ومأ يتبعهأ من الدباغة والْتمدحير 'والتصبغ : وقد اشتهرت بها مدن عديدة أهمها القيروان -حيث كانت تصنم السروج والأحذية والمناطق والأنطاع. . . الخ .

4 الغنون الصتاعية : وتشمل أعمال التكفيت والتطعيم والتصديغفى والتذهيب والحفر على العاج والخشب والمعادن»؛ وصناعة البثور والرجاج الفني والملونتء والصياغة»ء وتجليد الكتبء» وقد اشتهرت بها مديتتا القيروات وتونس بصفة نحاصة .

* صناعات تشرف عليها الدولة: مثل ضرب العملة» وصناعة الأسلحةء ودأر الطرازع وبناء السفن الحربية وها يلزمها من تجهيزات وأسلمحة .

*# الصتاعات المتعلقة بالزراعة : وتشمل معاصر لْرَيت؛ ومطاءحن الغلالء ومحالج القطن»: ومصائع السكر.

صنتاعة التعدين: وكان ينهض بعبثهأ الرقيق بصفة خاصة» وكأنت أشهر مناجم الحديد بالقرب من (مرماجنة) على الحدود التونسية الجزائرية في عصرنا الحاضرء فضلاً عن مناجم الفضة والرصاص والكحل .

* صنتاعات متفرقة: مثل الفشارء الحبالء الورقء: العطور» ألعه والأدوية» مستحضرات التجميلء الآلات العلمية الدقيقة» السفن التج

. الدياغ: معالم الأيمان بج ص 9ه‎ )١( : كذلك د. الحبيب الجنحاني‎ :١7١ ص‎ ١ (؟) أنظر المالكي: المصدر السابق ج‎ الم ر جع السابق صن قباس دار‎

05

وقوارب الصيد وغيرها.

وأما أهم الصناعات التي دخلت إلى إفريقية في عهد الأعير إبراغيم فكانئت كما بلي :

» صتاعة الألات العلمية كالاصطرلابات والالات الفلكية التي تخصص في صنعها عثمان بن سعيد الذي اشتهر بالصيقل سيب ذلك كما سيأتي ذكره.

* صناعة الورق» وستتعرض لها قيمأ بعد.

صناعة مستحضرات التجميل التي تخصص فيها إسماعيل بن يوسفف الطلاء المنجم وكان هو أول من أدخملها إلى إفريقية كما قال الزبيدي7 .

التوسع في صناعة الثار اليونانية الك لم تكن قل إأسء يحلقث شي 355 إذ أن المعلومات عن هذا الموضوع قليلة ومن غير اليسير التوصل إلى رأي قاطع بشأنهاء وقد تخصص في صناعتها أبن القيار.

وما تجدر الإشارة إليه هو أن صاحب المصنع أو المحل كأن يدعى عصرئذ (المعلم)ء وكان الصناع إما رقيقاً عنده أو أجراء يدفع لهم أجورهم باليوم أو حسب القطعة*ث, وكان هؤلاء يبدأون حياتهم صبيانا ثم يتدرجون في الحرفة حتى يحذقونهاء ومن ثم يستقلون في كثير من الأحيات إذا كانوا من الأحرار. كما كان يحدث أحياناً أن تتوارث بعض الأسر إحدى الحرف

0 الزبيدي: طبقات النحويين واللغويين عصس١721.‏ انظر مقالنا عنه في ممجلة العربي» عدد 4؟7 لشهر آذار (مارس) 1985 ص>١٠‏ وما بعدها.

692 إنظر د. الحبيب اللجشبحاني: المرجم السابق ص ؤلا.

آمك

وهكل! أزدذهرت الصناعة أيضاً في هل! العهدء وكقأامت بألدذور الذي سدم لها في دعم اقتصاد اليلاد تحير قيام . التتحارة :

تجلى الانتعاش الاقتصادي في هذا العهد أكثر ما تجلى في التتجارةء إذ نشطت وقتئذ بحيث أصبحت عائداتها هي الدعامة الرئيسية لهذا الاقتصادء فقد استفادت إفريقية من موقعها الجغرافي المتميز في قلب حوض البحر المتوسط مركز الحركة في العالم القديم» وقد طرأ منذ أوائل القرن الثالث الهجري/ التاسع للميلاد حادثان هامان كان لهما أثرهما الفعال في هذا النشاطء أولهما تحول طريق الذهب القديم الرابط بين غائة ومصر عن طريق بلاد الئوبة لكثرة ممخاطره على القوافل التي كانت تسلكه» واتجاهه بدلاً من ذلك إلى بلاد المغرب» جاعلاً من القيروات ويلاد الجريد ووارجلان وتاهرت وتلمسان وفاسن وسلجماسة مراكز تجارية نشطة تتفرع منها شيكة مسالك تجارية متعددة: وما ارتبط بذلك التحول من اكتشاف مصدر جديد وغزير لسلعتين من بلاد السودان الغربي هما الذهب الذي ظل طوال بضعة قرون يغذي مصانم ضرب العملة الذهبية في بلاد المغرب» وتجمعت مئه ثروات طائلة في مدنهء ويدعم التبادل السجاري بين العالم الإسلامي والأقطار الأحرى'؟» ثم الرقيق الأسود الذي أصبحت له قيمة اقتصادية وعسكرية كبيرة في العالم الإسلامي» -حيث كان هؤلاء العبيد يلحقون في الزراعة والصناعة وحراسة القوافل التجارية» ومنهم من كان يلتحق بالجندية» وقد رأينا أن الأمير إبراهيم قد جند منهم حوالي العشرة

(4 أنظر د. الحبيسب الجشحاني : المرجم السايق ص؟7؟.

وك

آلاف جنديء وبلغ عددهم في جيش أحمد بن طولون أربعين ألفاء إلى حد أنه خصص لهذه السلعة بالقيروان وقتئثل سوق خاص بها هو سوق البركة”؟.

وثانيهما هو سيطرة الأسطول الأغلبي وبصفة خاصة في عهد الأمير إبراهيم على مياه وسط وغرب البحر الأبيض المتوسط مما قتح ألباب على مصراعيه أمام تجارة إفريقية مع -جزر البحر الأبيض المتوسط وجنوب غرب أوروبا فضلاً عن المشرق» يضاف إلى ذلك ما سبقت الإشارة إليه من إجراءات أمنية اتخذها الأمير وقتئذ في سبيل تأمين الطرق التجارية البرية حتى أصبح (القوافل والتجار يسيرون في الطرق آمنين)!'"2: الأمر الذي جعل من إفريقية [حدى المناطق التجارية الرئيسية في العالم الإسلامي بأسره وليس في غربه فقط بواجهتيها التجاريتين» الببحرية المتمثئة في الموانىء التجارية الواقعة على شواطتها الشرقية والشمالية كطرايلس وسفاقس وسوسة وتونس وبنزرت وطبرقة وعنابةء والداخلية أو الصحراوية المتمئلة في بلاد الجريدء فضلاً عن الترابط المتين بينهما وبين المراكز الشجارية الأخرى في أقطار المغرب والذي لم يحل دونه الخلاف السياسي بين الدول القائمة في هذه الأقطار لاكتفاءكل منها بموارد المسالك التجارية فيها دون محاولة توسيع نطاقها على حساب الآخرين”". وعلى ذلكء. نشطت في إفريقية وقتقل كلتا التجارتين الداخخلية والمخارجيةغ وكانت القيروان هي قلب هذا النشاطء إليها ترد القوافل ومنها تصدر في حركة دائمة على مدار العامء يدلنا على ذلك المبالغ الضخمة

(1) القاضي عياض: المصدر السابق صى؟”” وما بعدها. 0( أبن الأثير : المصدر السابق سج ص6 . () أنظر د. ابيب الجشحاني : المرسجع السايق ص ؟ 7 .

:هم قامة شق لق ل 1-1816

ئة الأمخزطرية

المحصلة عند أبوايها مكوساً على هذه القوافل والتي بلغت ستة وعشرين آلف درهم في اليوم عند كل باب كما سبق ذكرهء فكانت باجة تميرها بالحبوب وبلاد الجريد بالتمور والفستق وغيرها وبلاد الساحل بالزيت وسردائيا بالحمضيات والبقول والعسل» وما حولها من مزارع بالخضر وقلشانة ومدكوك بالتين كما تقدم ذكره أيضاء وبذلك غطت هذه التجارة الداخلية حاجات السكان من السلع الاستهلاكية بسهولة.

وكما أسهم العديد من علماء إفريقية وفقهائها في النشاط الزراعيء أسهموا أيضاً في تنشيط التجارة الداخليةء فمع أنهم وقفوا موقفنا سلبياً من التجارة الخارجية ويسخاصة مع بلاد السودان الغربي وتورعوا عن أشعد المال المكتسب فيها ريما لما عرفت به من الربح الفاحشء بدليل ما ذكره الدباغ عن الإمام سحنون في النص الذي أوردناء آنفآء ثم ما ذكره القاضي عياض في ترجمته لأبي الفضل أحمد بن علي أحد تلاميد الإمام سحئونء من أنه ترك أكثر من آلف دينار من ميراث أبيه ولم يأخذها وحينما سثئل عن ذلك قال: (كان من تجارة العاج فكرهته لما جاء فيه عن أهل العلم'': إلا أن كثيراً منهم لم يجد حرجاً في العمل في التجارة الداخليةء فكان لهم حوانيت يتجروت فيها بسلع مختلفة مثل عبد الرحيم بن عبد ربه الربعي الزاهد الذي ذكرناه آنفاً والذي كان في أول أمره تاجرا في سوق البزازين”"2»: وعون بن يوسف الخزاعي الذي كان له حانوت يبيع فيه

0 أنظر القاضي عياض: المصدر السابق ص؟795» كذلك المالكي: المصدر السابق صرهة؟: د. الحبيب الجنحاتي : المصدر السابق ص١1‏ .

0( انظر القاضي عياض: المصدر السابق ص59١»‏ كذلك المالكي: المصدر السابق جا صك17.

6

الكتان”' وإسماعيل بن نافع من تلاميذ علي بن زياد الذي كان بزاز1", وهاشم بن مسرور التميمي الذي كان عنده آلف دينار فتصدق بها حتى لم يبق منها إلا خمسة دنانير ثم أتجر بها فعادت آلف" وأبو داود العطار الذي كان له حانوت عطارة في سوق القيروان”'“وغيرهمء مما جعل الناس يقبلون على هذه التجارة الأمر اللي زادها نشاطاً وازدهاراء فجنوا من ذلك الأرياح التي كفلت لهم الرخاء» وجنى كبار التعجار ثروات طائلة هي التي أكسبت المدن مظاهر الثراء» الأمر الذي دفع ببعض أفراد الطبقة الحاكمة للحمل فيهاء إلى حد أن والدة الأمير إبراعيم نفسه السيدة (أتراب) لم تتجد حرجا في العمل في التتجارةء فكانت تشارك بعض التجار وأصحاب القوافل كما سيقت الإشارة إليه.

وأما التجارة الخارجية فقد مارستها فئة كبار التجارء كما أسهم فيها أهل الذمة» فقد كان لليهود سوق خاص بهم في القيروان تعرف بسوق اليهودء ثم اليهود الرداينة أو الرهادنة كما كانوا يسمون في إفريقية والذين كانت لهم حوانيت خاصة بهم في سوق القيروان أيض*؟» وأما التصارى فكانوا يسيطرون على تجارة الزيت في المدن الساحلية””'» ويبدو أن أهل الذمة هؤلاء قد ظهرت منهم أمور منكرة من غش وتلاعب وتعامل بالربا يخاصة اليهود الذين هارسوا مثل هذه الأعمال في كل مكان وصلوا إليه عبر

)١(‏ أنظر القاضي عياض : المصدر السابق صرخ8؟1.

0 انظر د. السسحبيب الجنحاني: المررجع السابق صلل9م.

() الدباغ: المصدر السابق ج؟ ص46 7.

22 القاضي عياض: المصدر السابق ص./ا١7.‏

(5) انظر القاضي عياض: المصدر السابق اص718ء وكذلك د. الحبيب الجتحاني: المرجع السابق ص2 .

() انظر د. الحبيب الجنحاني: المرجم السابق ص0١581-8.‏

01

التاريخ» مما جعل القاضي ابن طالب يفرض عليهم في سنة ١لالا‏ / 45م أن يجعلوا على أكتافهم رقاعاً بيضاء في كل رقعة منها رسم قرد ونخنزير وأن يجعلوا على أيواب بيوتهم ألواحاً مسمرة في الأبواب مصور فيها مثل ذلك”'؟ إذ لا تفسير لهذا الإجراء وإجرائية الأخرين من منع التعامل بالرباء وإجبار الصيارفة على دراسة (كتاب الصرف» اللذين أأشر نا إليهما إنماً واللذين اتخذهما في تلك الآونة أيضاء إلا أن يكون ذلك هو الدافع لها جميعاً لما عرف به ابن طالب من تديّن وورع وحرص على تطبيق الكتاب والسنة واتباع لما أوصى به الؤسلام من احترام لأهل الذمة والحفاظ على حقوقهم .

وتجدر الإشارة هنا إلى موضوعين هامين أولهما أن فنيات التتجارة الإسلامية في القيروان في هذا العهد عرفت نظام الشركة والوكالة التعجاريةء فيلكر القاضي عياض أنه كانت بين عبد الجبار بن خالد السرتي سئة ١4ه)‏ وحمديس القطان سئة 589؟ه) تلميذى الإمام سحئنون (شركة في القطن يعملان في سوق الأحد فيه”*» ثم ما ذكرناه عن الشركة بين السيدة أتراب والدة الأمير إبراهيم والتاجرين القيروانيين» وأما الوكالة التجارية فقد برزت في التعجارة الخارجيةء فالوكيل إما أن يكون وكيلا لتاجر واحد أو لأكثر من ذلك»: وكان من مهامه تجهيز القوافل الخاصة بموكليه”". كما ارتبطت التجارة الداخلية بالزراعة» ولذا ققد عرفت صيغة المخاضرة بعد أن قرر شرعيتها الإمام سحنون الذي اشترى محصول زيتون

)295 المالكي : المصدكر السابق ج١١‏ ص 784١6‏ كذلك القاضي عياض : المصدر السايق ص777ء كذلك د. الحبيب الجنحاني: المرجع السابق ص25 .

ره القاضي عياض : المصثر السابق صصي5"ة؟ ,

(59) انظر د. الحبيب الجنحائي: المرجع السابق صلمة.

ام

قبل موعد قطفه ثم باعه في الموسم'' فاقتدى به الناس في ذلك.

وثانيهما هو ما ظهر من نشاط في النقل البحري في هذا العصر بين مدن إفريقية من جهة» وبينها وبين الأندلس وجزر غرب المتوسط والولايات الإسلامية الأوروبية من جهة ثانية» إلى حد أن الأمير إبراهيم نفسه شارك في هذا التشاط كما يفهم من نص أورده الدباغ في ترجمته لموسى بن عبد الرحمن القطان جاء فيه أن موسى هذا كان مسجوناً فأخرجه الأمير إبراهيم من السيجن وكان (سيب خروجه مسألة مركب عطب لإبراهيم بن أحمد (أي الأمير) فأفتاه بقولي ابن القاسم وابن نافع» فابن القاسم يقول: الكراء على البلاغء وابن نافم: يقول: يعطى من الكراء بمقدار ما سار ©2: الأمر الذي كان له أثره الإيجابي القوي على هذا النشاط بخاصة وعلى التجارة بوجه عامء واحتاج تطور هذا الدقل وقتئذ إلى ضيط المعاملات فيهء» فألف محمد بن عمر ات سنة 19(0ه) كتاباً في هذا الموضوع هو كتاب (أكرية السفن)”" للاستثارة به.

وأما أهم السلع في قائمة هذا التبادل التجاري» فكانت مع بلاد السودان الغربي كما يلي: الحبوب» والملحء والتمورء والزييب» والعسل» والسكرء والخرزهء والنحاس المصنوع» والخزفء في مقابل منتجات تلك البلاد والتي كان أهمها على الإطلاق الذهب» والرقيق الأسود وكلتا هائين السلعتين كانتا تشقان طريقهما من إفريقية وباقي بلاد المغرب إلى أورويا وشرق العالم الإسلامي بعد سد حاجة السوق المحلى منهماء وكلتاهما كان لهما أهمية بالغة في العالم القديمء ومع أنه قد سبقت الإشارة إلى هذا

؟"» إنظر المالكي : المصدر السابق ١‏ م1197 . انظر الدياغ: المصدر السابق ١‏ صن/797؟. القاضي عياض : المصدر السابق ص١7‏ .

اولث

الموضوعء إلا أنه لا ضير من التعرض للذهب ثانية بإيجاز.

فمن المعروف أنه منذ انهيار القسم الغربي من الإمبراطورية الرومانية قي أواخر القرث الخامس للميلاد فقد الذهب دوره في نظام التقد في غرب أوروبا لندرته فيها لحل الفضة التي أصبحت تضرب منها العملة النقدية المتداولة في تلك المنطقة» وماثلتها في ذلك الإمبراطورية الفارسية التي كانت وحدة النقد المتداولة فيها هى الدرهم الفضي» وبقي الدينار الذهبي وقفاً على الدولة البيزنطية التي كان يصلها الذهب من مصر عبر الطريق القديم إلى قلب القارة الأفريقية ومن مناجم الأورال في الشمال.

وحيئما تدقق ذهب السودان الغربي عبر الطريق الجديد إلى إفريقية وباقي بلاد المغرب ومنها إلى المشرق وأوروبا الغربية وأصبح المسلمون سادة الذهب في العالمء تمكن العالم الإسلامي من إحراز التفوق الاقتصادي على الأقطار الأخرى الواقعة خارج نطاقه بفضل ما امتلكه من ثروة ذهبية ضخمة ولما تمتعت به العملة الإسلامية من أعتراف عالميء مما جعل العديد من الكتاب يقولون أن هذا الحدث جعل المتوحات الإسلامية (تحتل أولاً مكانة بارزة في التاريخ الاقتصادي العالمي بين غزوات الإسكندر التي فتحت للعالم اليوناني ذشائر مملكة فارس» ومناجم اسياء والغزوات الإسبائية التي مكنت أوروبا من ذهب وفضة القارة الأمريكية» وتبرز ثانياً ظاهرة جديدة في تاريخ الدورة النقدية حيث لم يسجل قبل الدينار الإسلامي عملة شملت دورتها الشرقء ومنطقة البحر الأبيض المتوسطء وأوروبا في نفس الوقت”22'7 هذا من ناحيةء ومن ناحية ثانية أعاد ذهب السودان الغربي المتدفق إلى أوروبا الغربية عبر بلاد المغرب لهذ! المعدث

)١(‏ د. الحبيب الجنحاني: المرجع السابق ص77 وانظر أيضياً خريطة حركة الذحب في هذ المرجع صن 5 ١‏ 1.

0

النفيس مكانته السابقة في نظام التقد الأوروبي إذ عادت العملات فيها تسك منهدء مما أكسيها الثقة وبالتالي أوجد أساساً متيئاً لاقتصادها.

وأما أهم صادرات إفريقية في التيادل التجاري مع الشمال والغرب فكانت بالإضافة إلى الذهب هى: الزيت» المنسوجاث» الخزف» العثير: العطورء السكرء الزبدةء اللحوم»ء الصوفء الجلودء» الشمعء الحبوب» التمرء الزبيب» وتحصل بالمقايبل على الغراءء والرقيق الأبييض» والأخحشاب» وهكذ! كانت تجتمع في أسواقها منتجات الشمال والجنوب» ومنها يعاد تصديرها إلى مشتلف الجهات مما أكسبها حركة دائمة,

وأما بالنسبة لتنظيم هذه الأسواق» فلم تختلف أسواق المدن في المغرب السلا مي عن مثيلاتها في مشرقه؛ إذ كانت تسمى إما باخحتصاصها التجاري في معظم الأحيانء أو تنسب إلى مؤسسها أو إلى فئة اجتماعية معينة» إلا أن ها يلفت الانتباه بالسبة للقيروان التي كانت المركز التجاري الأول في إفريقية في الفترة التي نبحث فيها هو السوق التجاري الرئيسي فيها الذي بلغ طوله ما يزيد عن الميلين أي مأ يربو عن الثلاث كيلومترات» وكأن جانبيه» وأما الأسواق الآاحرى فكان أشهرها: سوق البزازين: سوق سول القطانين » سوق لجف سوق الغرل» سوق الخزازينء سوق الجزارين» سوق اليهود'؟ وغيرهاء الأمر الذي يقدم لنا دليلاً واضحاً على هل! الازدهار التجاري .

وكان لا بد عن فرض رقابة شنيدة على هله الأسواق للحيلولة دون

انظر ا المحييب: الجتحاني : المرجع السابق ص1 وما يعذها .

وخ

الغش في السلع والتلاعب في المكاييل والأوزان والأسعارء فكان الولاة أنفسهم يتولون هذه المهمةء ثم أوكلت للقضاة منذ تولى الإمام سحئون قضاء إفريقيةء وبذلك كانوا يقومون بمهام المحتسب بالوضافة إلى القضاءء فيجعلون الأمناء في الأسواق لمساعدتهم في هله الرقايةء حيث يجري تأديب من تثبت عليه مخالفة الشرع بالعقوبة التي يستحقها من تعزير أو جلد أو تغريم أو نفي من الأسواق» ومع أن هذا الإشراف من القضاة على الأسواق بدأ في وقت سابق على عهد الأمير إبراعيمء إذ أن ولاية الإمام سحئون للقضاء كانت في سنة 4 "الاهاء إلا أن قضاته مع تشددهم في هذه الرقابة فرضوا من الإجراءات المستحدثة ما كان كفيلا بمواجهة التطور الذي حدث في هذا العهد كتلك التي اتخذها ابن طالب في سئة ٠١/ااه‏ وألتي سبقت الإشارة إليهاء والذي كان قد حصل على تفويض مطلق من الأمير إبراهيم في إجراء ما يراه مناسباً بهذا الشأنء وفي ذلك يقول القاضي عياض: (وكان ابن الأغلب قد فوض إليه النظر في الولاة والجباة والعزل والولاية وقطع المناكير)!2» وقد بلغ من اهتمام القضاة والفقهاء بهذه الرقابة أن قام بعضهم بتصنيف المؤلفات عن هذا الموضوع مثل يحيى بن عمر ١ت‏ سنة 744ه) ء الذي ألّف في ذلك كتابه المسمى (أحكام السوق؟9'' في تلك الفترة .

وهكذا نرى أن إفريقية قد عاشت في هذا العهد في ظل ازدهار اقتصادي شمل الحكومة والرعيةء مما فتح المجال أمامها لدفع الحركة الحضارية فيها دفعة قوية إلى الأمام.

() القاضي عياض: المصثر السايق صن7؟؟. (9) انظر كتابه (إحكام السوق»» المنشور في تونس سنة 9151/0 .

15

أعماله العمرانية:

يجمع المؤرخون على أن إفريقية شهدت في عصر دولة الأغالبة تطورآ عمرانياً كبيرأ» وإذا كان الكثير من أمراء هذه الدولة عرفوا بشغفهم بالبناء والتعميرء فإن الأمير إبراهيم يأتى في طليعتهمء لما قام به من أعمال عمرانية ضخمة تعتبر إحدى مفاخر الدولة المذكورة في هذا المجالء كما تعثبر نخير دليل على جهوده في هذا التطورء إذ لم يلبث بعد توليه اللحكم إلا فترة قصيرة حتى شرع في بناء مدينة (رقادة) على بعد ثمانية أميال جنوب القيروات» والتي أعجب الجغرافيون والرحالة المسلمون بحسن موقعها ودقة تسخطيطها وعندستها وجمال قصورها وبساتينها وطيب هوائها أيّما إعجاب» فقد وصفها البكري بقوله: (وأكثرها بساتين وليس بإفريقية أعدل هواء ولا أرق نسيمآ ولا أطيب تربة من مديئة رقادة ...فإن من دخلها لم يزل ضاحكاً مستبشرا من غير سبب2©0» ويكرر ياقوت عئها نحو هذا القولء ويذكر عدة روايات عن سبب تسميتها بهذا الاسم لايتسع المجال لذكرهة”“.

بدأ الأمير إبراهيم في بناء هذه المدينة التى يلغ دورها أربعة وعشرين ألفأ وأربعين ذراعة"” في سنة 757ه / 6لا4م» وشيد بها قصوراً عديدة ودوراً كثيرة ومسسجدا جامعا» واخختط فيها الأسواق» وزودها بالمئشآت الاقتصادية والاجتماعية الكثيرةء وزيئها بالحدائق الغناء واليساتين العديدة التي غرسها جميعاً بأنواع الأشجار والرياحين المحلية والمستجلبة» وأجرى إليها المياه من مسافاتٍ بعيدة لتجمع في صهاريج ضخمة ثم توزع منها إلى

. اليكريى: المصدر السابق صرلا؟‎ . 28 ؟ ياقوت الحموي: معسجم البلدإن جع" من‎ , يأقوت الحموي: معجم البلدات س؟ ص25‎

5159

مختلف منشاتها وحدائقها وبساتينها في نظام بديعء ثم انتقل إليها بعد ذلك من العباسية مع أهل بيته وحاشيته ورجالات دولته ودواوين -حكومتهء ونقل إليها الكثير من التجار والصناع ورجال العلمء ولم يفتأ يتسهدها بالزيادة والتنظيم والتحصين كلما تطلب الأمر ذلكء فأدار حولها سوراً ومحندقا وجعل لها أبواباً حديدية محكمة الصنعة فيما بعدء وكان من أشهر القصور التي شيدها فيها قصور (بغداد) و(المختار) و(الفتيم)''2 و(الصحن)». وأسس في أحيد مبأنيها -جامعة (بيت اللحكمة) التي سنعود لذكرها يعد قليل.

وسرعان ما اتسعت هذه المديئة بوصفها العاصمة الجديدة بما أضيف إليها من منشأت جديدةء وازدياد أسواقها وما ألحق بها من فنادق وحمامات ودور للعلم ء وازدياد مستمر في عدد مكائها حتى غذادت في سنوات قليلة من أعظم مدن إفريقية عمراناً ومن أكثرها نشاطأ.

ولم تتوقف عن هذا التوسع بعد الأمير إبراهيم؛ وإنما واصل خليفتاه العناية بها فأضافا إليها عدة منشات جديدة كان أهمها ما عمره فيها الأمير زيادة الله الثالث آخر أمراء الأغالبة وحفيد الأمير إبراهيم الذي "حفر بها صهريجاً ضخما طوله .خمس مثئة ذراع وعرضه أربع مئة» وأجرى إليه ساقية ضخمة تصب فيه على مذار الساعة: في حين يخرج الماء الزائد عن سعته من قئأة أخرى تتجه إلى البساتين لريهاء ولضخامة هذا الصهريج الذي هو عبارة عن بحيرة اصطناعية سماه (البحر)» وبنى فيه قصراً على أريع طبقات سماه (العروس)» أنفق عليه مثتين واثنين وثلاثين ألف ديئارء» حتى أصبحت

)١(‏ انظر ابن عذارى: المصدر السابق ج١٠‏ ص/197ء ابن الخطيب: أعمال الأعلام: ان كن محاشيةه 41 حتسسن سحسمني ديل ألوهااب : سل صب تاريخ توس صر خم ؛ كذلك ورقات عن السشارة العربية بإفريقية» ق1 ص؟19.

51

بهذه الزيادات المتواصلة أكبر من القيروان نفسها (60'؟. وهكذا لم تزل دأر المتك لأمراء بغي الأغلب حجييى. أنشسأء عهد دولتهم + كمأ سكنهاأ تحب الله المهدي أول خلفاء الفاطميين أيضاء إلى أن انتقل عنها إلى المهدية في

سنة زه اهم ٠‏ د

وبالإضافة إلى رقادةء أنشأ الأمير إبرأهيم قصوراً أخرى بمديئة توئس لسكناهء حيتما انتقل للأقامة بها في سئة 41لاه / 4944م بعضص الوقت"؟ عندما خالفت عليه في ثورتها الثانية» كان من ضمنها القصبة!*؟. ويذكر المالكي أنه بناء على طلب أبي الأحوص المكفوف أحد كيار فقهاء المالكية في إفريقية في هذا العهد وأحد زهادها المعروفين كما سيأتي ذكره» زاد في المسجد الجامع بسوسة السقوف العالية الثلاث التي تلي القبلة» وأنشأ فيها مصلى العيدين» وأجرى إلى وسط تلك المدينة ساقية توصل مياه الشرب من سكان بعيد بسخارجها”.

ولم يقتصر نشاطه العمراني على العمارة المدنية» بل تعذآأه إلى العمارة الحربية» فقد اهتم بتحصين سواحل إفريقيةء فبنى العديد من الحصون المعروفة بالرباطات (الربطء أو الأربطة) في أماكن عديدة منها' أ لتدعيم سبل الدفاع عنها تحسبا من هجمات الأسطول البيزنطي وسفن القراصنئة

للك سن احسلق, عبد الوهاب : شتلااصة تاريسم تونس ص *5 .

ابن خخلدون: المصدر السابق ج5ة ص70.

(4) أبن أبي الضياف: المصدر السابق ج٠١‏ ص145.

(©) المالكي: المصدر السابق ص؟937؟ وما بعدها. انظر كذلك القاضي عياضص: المصتر السابق ص؟ .7١‏

(5) ابن الاثير: المصدر السايق ج5 ص25 ابن خخلدون: المصدر السابق ج؛ عن 17+ 7 .

2

الأوروبيين»ء الذين كانوا يغيرون عليها بقصد النهب والسلب والتخريب كلما وجدوا غرة وحيثماأ أمكنتهم الفرصة. كما زاد فى تحصين مديئة سوسة بوصفها فرضة القيروانء والقاعدة الرئيسية للأسطول الأغلبيء فبئى سورها'': ورمم ما احتاج إلى ترميم من رباطاتها ومحارسها.

وجرى ميسورو الحال من الصلحاء في عهده على نهجه في بناء الرباطات والمحارس» من ذلك» ها يذكره القاضي عياض في ترجمته لسهل بن عبد الله بن سهل القبرياني حيث يقول عنه: (وكان كثير المال فعالاً للخيرء بنى قصر الرباط على البحر بسوسة فأنفق فيه مالا عظيماء وكانوا أرادوا بناءه فأتوا يستعينونه في ذلك» فتولى جميعهء وقيل بل كان موضعه ربوة رمل كان محمد بن سحئون يجلس عليها بعد العصر مع أصحابهء فقال يوماً: وددت لو بني هنا قصر. (أي رباط) فقال له سهل: أنا أبتيهء فبناه وأنفق فيه نحو ألف مثقال)20.

النهضة العلمية :

شهدت الحركة العلمية في عهد الأمير إبراهيم نهضة شاملة: ققد تنوعت اتتجاهاتها. وتعددت اختصاصات أعلامها حتى غطت كافة فروع العلم والمعرقة التي كانت معروفة في عصرهء ولم تعد مقصورة على علوم الدين

)١(‏ ابن خملدوث: المصر السايق جة ص7١‏ ؟.

(؟) القاضي عياض: المصدر السابق ص؟717 وما بعدها. ولتوضيح ما ورد في هذا النص عن الفقيه محمد ين سحنون نقول: أنه كان رحمه لله يرابط في رباط سوسة لللجهاد طوال فصل الصيف معظم سنن حياتهء كما جرت بذلك عادة الغقهاء والصلحاء والزعاد والمجاهدين من أهل افريقية بل ومن أقطار المغرب الأخرى للدفاع عنها ضد هسيات الأساطيل المعادية. وقلما وجد أحد من هذه الفئة عصركق لم يرابط في أحد رباطاتها فترة من حيائه .

516

واللغة كما كان الأمر من قبلء وسارت في هذه الاتجاهات بخطى ححثيثة إلى الأمام مما جعلها تواكب مثيلاتها في المراكز العلمية بالمشرق» بحيث لا نتجاوز الحقيقة إذا قلنا أن عهده كان العصر الذهبي لها في إفريقية الأغلبية » وهو ما يمثل صفحة مشرقة في تاريخ هذا الأمير المتعذد المواهب والمتنوح الاهتمامات؛ و بضبحة في 277 كبار رماة العلم ومشمجعيه في التاريخ .

وأول ما يذكر في هذا المجال شغفه هو نفسه بالعلمء فقد ولع منذ وقت مبكر من حياته بطلبه وبمصاحبة العلماء الأجلاءء فتذكر الروايات أنه أقام في صقلية فترة من صباهء تعلم أثناءها اللغة إاللاتينية الدارجة (الرومانسية) التي عرفت في غرب أوروبا في العصور الوسطى -حتى أجادها'“. وكان فيما بعد كثيراً ما يتحدث بها مع فتيانه الصقالبة بعخاصة إذا أراد أن يخفي عن جلسائه ما يقول» وفي ذلك يقول القاضي عياض في تر سومئه للقاضي أبن طالب في رواية للفقيه جمدفيس.ن القطان ) أنه أثناء مناقشة بين الأمير إبراهيم وحمديس المذكور عن التركة» تكلم الأخير يما له يوافق شوى الأعير 7 حشمور (بلاع) كتأه الصقلبي (فقام إلي بلاغ المخادم مغضباأ ليهم بي. فكلمه الأمير بالصقلية فانكفت6؟". كما يقول أيضاً في ترجمته لابن البناء القاضي إثر عزله عن قضاء قصطيلية وترحيله إلى رقادة لمقابلة الأمير إبراهيم حيث دارت المناظر 5 بينه وبين القاضي أبن عيدون بهذا الشأن في مجلس الأمير (فرفع إبراهيم رأسه إلى فتاه بلاغء فقال له بالصقليية: أرى هذا الرجل - يعني ابن البناء - يستحق أن تنزع قلنسوة

للك حسن -حسئثى عبد الوهاب: ورقات ١‏ ص7 ؟؟!. 229 القاضي عياض : المصدر السابق ص 779.

51

القاضي وتوضع على رأسه)ة*.

وما تعجدر الإشارة إليه في هذا المقام هو أن إجادته لهذه اللخة فضلاً عن دورها في ثقاقته؛ كان لها دور آخر لا يقل في أهميته عن الأول هو مساعدته في التعرف على مشاكل رعايأه من الأوروبيين في صقلية وجئوب إيطاليا وتفهم مطالبهم بوصفها اللغة التي يحسنونهاء وليس هؤلاء فحسب» وإنما أيضاً المتكلمين بها في إفريقية ذاتهاء إذ أنها كانت هي اللغة الشائعة في يعض تواءحيها مثل بلاد الجرية» وألتي بقي أهلها يتحدثونت بهأ حتى زمن الإدريسي في أوائل القرن السادس الهجري «الثاني عشر للميلاد) .

وإلبى جاتب معر فته اللغة اللانينية + اكتسب حصيلة وأسعة في علوم انين واللحة والأدب كما كأن يقرض الشعرء وما وصلنا من شعره يدل على سموهية مجتية أيه تتوكر أله في الشعراء المطبوعين » وبالإضافة إلى هذه العلوم النقلية»ء شغف بالعلوم العقلية والتجريبية فطلبها بهمة ونشاطء فأجاد العلوم الرياضية والفلك والفلسفة وغيرها من هذه العلومء الأمر الذي مكنه من المشاركة الفعلية في مناظرة فحول العلماء فيها سواء تلك التي كانت تدور في #مجايسةه أو في (بيت الحكمة)؛ بالتعقيب أو التعليق والتوضيح أو مواضيع تلك المناظرات .

وقد حفظ لنا المالكي نموذجاً للمناظرات التي كانت تدور في (بيت الحكمة) بحضوره نورد فيما يلي بعضاً منها لبيان مكانته العلمية» إذ يقول في تعريفه بأبي عثمان سعيد الحداد أحد كبار علماء الكلام في القيروان

)١(‏ القاضي عياض: المصدر السابق ص؟7977.

4

وكبير المدافعين عن موقف أهل السنة من قضية شخلق القرآن”'“»ء أنه بعد أن استهلت المناظرة بين المذكور وعبد الله بن الأشج وغيره من الحضور القائلين بخلق القرآإن وبسط -حجج الطرفين. ثم إدلاء الأمير إبراهيم برأيه في هذا الموضوع: (قال: (أي سعيد الحداد): ثم جرى ذكر تكليم الله تعالى لموسى عليه السلام - فقلت: ممن سمع موسى الكلام؟ قال أبن الأشج: من الشجرةء قلت: هن ورقها أو من لحائها؟ قال أبو عثمان : ووالله ما دذرى أنحد 9 أهل المجلس مرادى فيما ظهر لي . إليه الأمير. فبدر فقال لابن الأشج: اسكت ويلك! خخحوفآ أن يجيب فيجيب عليه الكثر. قبل لأبي عثمان: وما أردت -- أصلحك الله - بهذا الكلام؟ فقال: لأنه كل من صرح فقال بأنه من الشجرة على الحقيقة كفرء وزعم أن الله لم يكلم موسى وأنه لم يفضله بكلامه. . .)200 ولا شك في أن من يتتبع هذه المناقشة يتأكد لديه سعة اطلاع الأمير إبراهيم على الفلسفة والمنطق وأساليب الجدل» ودراية يعلم الكلام وأساليب المتكلمين المسلمين .

وأما معرفته بعلم الفلك والتدجيم فقد بلغ فيها الغايةء» يؤكد ذلك ما ذكره الزبيدي في ترجمته لإسماعيل بن يوسف الطلاء المنتجم» إذ يقول: (وكان إبراهيم ينتحل علم النجامة)””) أي الفلك المبني على أسس علمية صحيحةء فكان يباحث فيه أعلام هذا العلم في دولته سواء من أهل إفريقية أو الوافدين إلى بلاطه من مختلف أقطار العالم الإسلامي: والذين يسبب

(45 إنظر ترجمته في اللخشني: طبقات علماء افريقية» المالكي: المصدر السابق. كذلك حسن احسئي عبد الوهاب : ورقات ق١‏ صرللمهة؟, وانظر ترجمة أبن الأشج في الدباغ: المصدر السابق ج؟ عن ؟77 .

220 انظر المالكي : المصدر السابق» ترجمة سعيف الحداد؛» كذتلك حصن -حسستي حبق الوهاب: ورقات ق١‏ ص :؟١7.‏

() الربيدي: المصدر السابق ص25 7 .

384

ذلك نألوا -حظوة عندهء مثل إسماعيل بن يوسف الآئفا الذكر. وحمديس المنجمء وعثمان بن سعيد الصيقل وغيرهم. إلى مد أنه خصصض خبزائن في بيت الحكمة) لحفظ الالات الفلكية مثل الاسطرلابات والمقنطرات والجيوبه وغيرها من أدوات البحث وحساب سير الكواكب ورصلها وتحقيق الأوفاق وضبط الأطوال والعروض مما يستعمل في هذا العله'؟. لذلك» فقد حفزه هذا الشغف بالعلم على دفع الحركة العلمية في إفريقية دفعة قوية إلى الأمامء واتجهت جهوده في هذا المجال عدة اتجاهات» أولها المضي قدماً في رعاية -حركة العلوم الدينية واللسانية التي كانت مزدهرة وقتئذل فيهاء وثانيها منم العلوم العقلية والتجريبية الناشئة أقصى ما يستطيع من عنايته لتوازي نظيرتها الأولى في النشاط والأزدهار وذلك باستجلاب الكتب من مختلف المراكز العلمية يخاصة من المشرق الإسلامي» وتأسيس مركز للترجمةء واستقطابه للعلماء في مختلف التخصصات للالتساق بيلاطهء وأخيرا وليس آخخرا إنشاء مركز متشخصص في هذه العلوم وتدريسها. العلوم الدينية واللسانية :

من المعروف أن القيروان أصبحت منذ تأسيسها المركز الرئيسي لدراسة علوم الدين واللغة في المغربء وأن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم الثين رافقوا -جيوش الفتح أو وفدوا إليها فيما بعد وأقامو! فيها هم الذين أسسوا مدرستها الفكرية ألتي كان قوامها هذه العلوم شأئها في ذلك شأن المراكز الفكرية الأخرى في المشرق وقعثذء وقد سارت الأجيال المتعاقبة التي أخذت عنهم وعن تلاميذهم ومن تلاهم في تسلسل مُطرد على نهجهم

. -حسن حستي عبد ألوهاب: ورقاث ق١ ص197‎ )١(

ى

في الاهتمام بهذه العلوم دراسة وتدريساء فكان كل جيل منها يضيف لبنة جديدة في بناء هذه المدرسة -حتى غدت القيروان مديئة العلم في المغرب الإسلامي» يقصدها الطلاب من مشتلف بقاعه للأخل عن شيوخهاء وليس ذلك فحسب» وإنما أصبحتث أيضاً أحد المراكز الهامة لهذه الدراسات في العالم الإسلامي بأسره.

ونظرآ لأن معظم الأجيال الأولى من طلاب العلم الأفارقة الذين ارتحلوا إلى المشرق للسحح والاستزادة من العلم وأخلوا عن الإمام مالك رضي الله عنه في المدينة ثم عن تلاميذه فيها وفي مصر من بعدهء ولملاءمة مذهبه لعقلية المغاربة المحافظة» فقد إنتشر هذا المذغعب بجهودهم في إفريقية ثم في المغرب الإسلامي فيما بعدهء حتى ساد فيه وتأصل ولم تعد المذاهب الأخرى التي كانت تتسرب إلى تلك المنطقة تقوى على منافسته» وكان من بين الذين لهم دور كبير في ترسيشه فيه الإمامان أسد بن الفرات» وسحتون بن عبد السلام» فقد بلغ عدد أللين أنذوا عن الأخير ما يزيد عن السبع مثة عالم انتشروا في مختلف أقطاره وبثوه فيها.

وعلى ذلك أصبحت القيروان منذئذ (أواخر القرن الثاني وأواثل القرن الثالث للهجرة) هي المهد الثاني للمالكية حتى أصبح (حمى قصور زياد - المرابط بساحل إفريقية - يسمى دار مالك لكثرة من فيه من العلماء والعباد والصالحين من أصحاب مالك)20.

وإلى جاتب المذهب المالكي وصلت إلى إفريقية بعض المذاهب الأخرى. كان أهمها المذهب الحنفي من مذاهب أهل السنة ومذهيا الخوارج الإباضية والصفري ية؛ء ومع المذهب الحنفي الذي اتتخذه الأغالبة

0 القاضي عياض: المصدر السابق ص84؟.

+ نيا

مذهباً رسمياً لدولتهم أسوة بالدولة العباسية بوصفهم ولاة لهاء أممذت تسرب إليها نظريات واراء المعتزلة والتى كان من أهمها قضية شخلق القرآنء والإيمانء وأسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته مما أثار المجدل بين فقهام هذا المذهب والمالكية» ومع أن الكثرة العددية بين الفقهاء كانت للمالكية بطبيعة المحال» إلا أن الأحناف كانوا يتمتعون بمساندة الدولة» ولم يلبث هذا الجدل أن تطور إلى خلاف ماد بين الفريقين قبيل تولى الأمير إبراهيم الحكمء وقد انعكس هذا الوضع على المالكية أنفسهم إذ بتأثير تلك الآراء اختلف تلاميذ الإمام سحئون في تلك الآونة أيضاً في مسألة الزيمان وانقسمو! إلى فريقين (السحئونية) و(العبدوسية) كما سبقت الإشارة إليه”'؟ .

لذلك. رأى الأمير إبراهيم الذي تولى الحكمء والشلافٌ على أشده بين هذه الأطراف» أنه لا بد من أن يعمل على احتوائه قبل تفاقمه» فهو بالرغم مما كان يفرضه عليه منصبه الرسمي وثقافته ومعرفته بالعلوم الفلسفية بخاصة من تأييد الأحنافء إلا أن ذلك لم يكن بالأمر اليسير عليه لآن غالبية رعيته من المالكية» ممأ يسهل الأمر على فقهاء هذا المذهب لإثارتها عليه» إذ! لمسو! منه ذلكء وبئاء عليهء لزم جانب الحياد على ما يبدوء فأخل يختار قضاته من أتباع كلا المذهبين مع مراعاة النسية العددية فكان قضاته المالكية أكثر بكثير من الأحنافء وكما ربطته علاقة طيبة ببعحض

)١(‏ لخص ابن غافق التونسي هذا الخلاف في مسألة الإيمان لمحمد بن عبد الحكم حينما التقى به في مصر وسأله عن هذا الموضوع بإيجاز شديد على الحو التالي : قال قوم: نسحن مؤمئنوت عند لله ملنبون» وقأال قوم. نحن مؤمئون» ولا ندري ما نحن عافد ألله-- فقال: ما قال فيها محمف بن سحتون؟ فقال له: مؤمتوث عندالله فقال : دعني بهاذينء فعدت إليه فقال: الصواب ما قال محمد بن سحتون. (انظر القاضي عياض : المصدر السابق صن .2)5١١‏

+5

الأحناف مثل ابن الأشج وابن عبدون» وثق الروابط بينه وبين كثير من كبار فقهاء المالكية وزهادهم مغل أحمد بن معتب بن أبي الأزهرء الذي كان يكتب إليه قائلا : (إلى أشي في الإسلام وشقيقي في المحبة)؟*» وعبد الجبار السرتي الذي يلغ من تقديره له أنه كأن يخرج من مسجلسه لتشبيعه وفي ذلك يقول القاضي عياض: (وخرج من عند الأمير إبراهيم» وكان يجله ويكبرهء قشيعه إلى أن ركب دابته وأصلحت عليه ثيابه)7') وأبن طالب القاضي» وعيسى بن مسكين» ثم أبو الأحوص الكفيفف الزاهد» الذي كان يزوره في بيته بمديئة سوسة (فإن وجده يطحن جلس (أي الأمير) على التراب» وأن وجده يأكل جلس على جلد المطحنة» لأنه لم يكن عنده حصير في البيت ولا غيرهاء وكان إذا عرض للمسلمين حاجة كتب إليه بالفحمة على شقف©» وكان ينغذ لهم مطالبهمء وفي ذلك يقول القاضي عياض أيضاً أنه سأل أبا الأحوص الآئف الذكر ذات عرة: (هل لك حاجة؟ فامتئع؛ فعزم عليهء فقال: ثلاث حوائج قال: هي مقضيةء فما هي؟ فطلب منه الزيادة في المجامع لضيقه على الناسء وإجراء ساقية من تخارج المدينة إلى مواجلهاء وإخراج من بالسجنء فأجابه)؟؟.

كما كان يستهديهم الدعاء» ويتقبل تنصحهم ومواعظهم بصدر رححب» وليس ذلك فحسب وإنما يصبر على ما يجبهه به البعض من غليظ القول». مثل أبي الأحوص الآنف الذكر الذي أرسل إليه رساألة أملاها على بعض أهل سوسة يأمره فيها بالمعروف وينهاه عن المدكر بأسلوب عنيف» كان

)١(‏ القاضي عياضى: المصدر السابق صة2؟5.

(؟؟ القاضي عياض : المصدر السابق من95؟.

() القاضي عياض: المصئر السابق من؟*"؟ وما بحلها. !) القاضي عياض: المصدر السابق ص7١‏ ؟.

ف

مما -جاء فيها: (يا فاسق؟ يا جائر؟ ياخعائن؟ قد حذت عن شرائع الإسلام: وعن قريب تعاين مقعدك من جهنمء وسترد فتعلم'؟. فأجابه الأمير بقوله: (عذرناك لفضلك ودينك'؟)» الأمر الذي مكن هؤلاء العلماء بوصفهم مصابيح الأمة وحراسها بما عرفوا به من براعة في الغقهء وورع صادق.: وزهد في الدنياء وجرأة في الحقء ودماثة أشلاق» هن مواصلة دورهم التاريعخي الهام المتمثل في رقابتهم على الدولة من ناحية» وريطهم العلم بالجهاد من ناحية ثائية» ومواصلة نشاط حركة العلوم الدينية واللغوية بسهولة ويسر وفي جو من الحرية المطلقة في هذا العهد من ناحية ثالثة. وأما دور الأمير إبراهيم في هذا التشاطء فإنه تمكن بحكمته وحسن تدبيره وسعة علمه تطويق الخلافات الفقهية هذه في إطار الجدل الفكري والمناظرة العلمية فحسب» أيْ أنه حصرها في نقاش علمي بحت بين علماء متمخصصين ضمن مناظرات تعقد في مجلسه أو في أروقة العلم بجامعة (بيت الحكمة) كتلك المناظرة التي دارت بين سعيد الحداد من المالكية وأبن الأشج وأصحابه الأحناف والتي أشرنا إليها سابقاء وهو بذلك ألغى دور العامة في هذه اللخلافات وحال دون أن تكوت طرفاً فيهاء الأمر الذي جعل حدتها والنفور بين الئاس يأخذان في التراجع وبالتائي تتلاشى أثارها السلبية بالتدريجء دون أن يؤثر ذلك سلبياً على زخم نشاط البحث العلمي» إذ واصلت الفئة المثقفة نشاطها في البحث والدراسة لاستنياط الحججح لدعم وجهة نظرها في هله المناظرات» أي أن ذلك كان حافزا لهذه الفئة المنتجة للعلم والمعرفة لمضاعفة جهودها في هذا المجال» سواء مشافهة تروى أو تدوث في مؤلفات تتداول» وتبعا لذلك» تميزت هذه الفترة بنشاطهأ الجم

000 أبن عتارى : المصدر السايق اج ص * 57 . (8) إبن عتارى: المصدر السابق ١‏ صن *17 .

اليا

قي كلا الاتمجاهين .

ففي الاتجاه الأول» علاوة على المناظرات» واصل الفقهاء والعلماء عقد حلقات الدرس في المساجد والرباطات» والذين كان من أشهرهم في هذ! العهد: ابن طالب؛. وعيسى بن مسكين» وعيد الرحمن بن عمران الملقب بالورقة» وأحمد بن معتبا بن أبي الأزهرء وسليمان بن سالم القطان » ويحبى بن عامر بن يوسف الكناني» وأحمد بن أبي سلمان المعروف بالصواف» وجبلة بن حمود الصدفيء وأبو عياش أحمد بن موسى بن مخلدء وعبد اللجبار السرتي» وأبو الأحوص الكفيف» وعبد الله بن غافق التونسي وسعيد الحداد الذين سبق ذكرهم وغيرهم ممن تضمته كتب التراجم والطبقات من الذين عاشوا في هله الغترة» حيث كان الطللاب يأخذون عنهم ويدرسون عليهم ما كان متداولاً من أمهات الكتب وقتعذ سواء كانت من تأليف فقهاء إفريقية (كالأسدية) التي ألفها أسد بن الفرات الذي كان متبحراً في كلا المذهبين المالكي والحنفي» ثم (المدونة) للإامام سحئنونء وكتب أبنه محمد التي زادت عن الخمسين كتاباً وغيرهاء أو مما 2 به من المشرق مثل (الموطأ) للإمام مالك» وكتاب أبن المواز في الفقه الذي وصل إلى إفريقية في تلك الفترة؛ وكان أبو القاسم السدري هو أول من اجاء به وقعذة 2 وغيرهما الكثير مما أتى به طلاب العلم والرحالة عند عودتهم وتجار الكتب لرواج تجارتها انذاك.

وأما بالنسية للاتجاه الثانيء فقد عكف الكثير من هؤلاء العلماء على تصنيف المؤلفات والتي تعتبر من أهم المصادر الفقهية مثل يحيى بن عمر الكناني الآتف الذكر الذي آلف كتباً عديدة من أشهرها: كتاب الرد على الشافعي» وكتاب اختصار المستخراجة المسمى بالمنتخبة» وكتبه في أصول

)١(‏ أنظر الدباغ : المصدر السابق ج؟ ص5 وما يعذها.

+ با

السنة: هثل كتاب الميزان»؛ وكتاب الروايةء وكتاب الوسوسةء وكتاب أحمية الحصون؛ وكتاب فضل الوضوء والصلاة» وكتاب التساءء» وكتاسب الرد على الشكوكية”؟2 وكتاب الرد على المرجئة» وكتاب فشائل المستنير والرباطء وكتاب اختلاف ابن القاسم وأشهب”"'» ومثله عيد الله بن غافق التونسي الأنف الذكر أيضاً الذي كان من أشهر مؤلفاته رسالة في الإيمان تضمنت آراءه في الرد على العبدوسية") والتي انتشرت بين الفقهاءء وطلاب العلم في إفريقية يقية إنذاك انتشارا كبيراء ثم عبد ألله بن الوليد الذي آلف كتباً عديدة أيضاء وأبو العرب التميمى صاحب كتاب (طبقات علماء إفريقية) والذي كان أول كتاب يؤلف في إفريقية في موضوعهء وغيرهم امكف (4),

ولم يقتصر نشاط حركة هذه العلوم على الرجال بل تعذاه للساءء فقد نبغ في هذا العهد عدة مئهن كان لهن باع طويل في هذا المضمارء ونذكر منهن لخحديجة بنت الإمام سحئون التى كانت (عاقلة عالمة ذات صيانة

)١(‏ يعني بالشكوكية فريق العيدوسية وهو اللقب الذي أطلقه عليهم خصومهم السحنونية لقول ابن عبدوس في مسألة الزيمان: أدين بأني مؤمن عند الله في وقتى هذاء ولا أدري عأ يختم لي يهع فقال عته السحنونية أنه يشك في نفسه: فاتهموه بأنه يقول غي ذلك: لا أدري وأرجو أن أكون مؤمناً إن شاء الله: فلقبوه وأنصاره بالشكوكيةء في حين نفى هو هذه التهمة عن نقسه.

(؟) كان ابن القاسى وأشهب من أشهر تلاميذ الإمام مالك في مصر.

() القاضي عياض : المصدر السابق ص15 .

(4) انظر الفهرست الذي ألسقه الدكتور محمد الطالبي بالمصئر السابق (تراجم أغلبية من المدارك للقاضي عياض) والذي تضمن كثيرا من أسماء المؤلفات التي صنفت في هله الفترة والتي تركنا ذكرها خشية الإطالة (ص18دوما يعدها).

وبا

وديه )1 .

كما وصغها الدباغ بقوله (وكانت من خيار الناس""“» وكان أبوها يستشيرها في مهمات أمورهء وكذ! كان يفعل أخوها محمد بعد وقاأة أبيهاء وكانت نساء زمانها يستفتينها في مسائل الدين ويقتدين بها لما تميزت به من علم واسع وعقل راجحء وقد عزفت عن الزواج ونذرت نفسها للعبادة والعلم إلى أن توفيتك في حدود سلة «لالاها / 3 ثم مهرية بنلت الحسن بن غلبون الأغلبية. وألتي كانت إحذىي أميرات الأسرة الحاكمة» وقد نشأت في قصور أسرتها برقادةء ونالت حظأ وافراً من العلم في تلك البيئة الراقية بخاصة علوم اللغة والأدب» وتفتحت قريحتها الشعرية حتى أصبحت من مشاهير شعراء عصرهاء ومع أنه لم يصلنا من شعرها إلا القليل أشهره قصيدة لها في رئاء أخيها أبي عقال الذي توفي بعيداً عن وطله في سئة ١9اإه‏ / ل إلا أن هذ! القليل يدل على موهبة ممتازة وثقافة عالية.

وهكذا ازدهرت حركة العلوم الفقهية واللسانية في هذا العهد ازدهاراً كبيراً لم تشهد مثله في إفريقية من قبل» كما إنحسرثت موجة التزاع بين المالكية أنفسهم من ناحية»ء وبينهم وبين الأحناف وأتباع المذاهب الأخرى من ناحية ثانية» ولعل انتشار الدعوة الفاطمية في أواخر عهد الأمير إبراهيم كان له أثره القوي في ذلك» إذ أخذت أنظار هؤلاء العلماء جميعاً على اتلاف مذاهبهم وميولهم الفكرية تتءجه للعمل على مقاومتها.

(0 القاضي عياضص: المصدر السابق صن١١٠١.‏

(؟0© الدباغ: المصدر السابق ج١‏ صى84.

2 أنظر حسن -حستي عبد إلوهاب : شهير أت التونسيات ص 217 ومأ بعدهاً. 600 انظر »حسن -حسني عبد الوهاب : شهيرات التونسيات عى/ ةوماأ بعنها.

ا

العلوم العقلية والتحريبية :

وأما العلوم العقلية والتجريبيةء فقد حظيت بالقدر الأوقى من عناية الأمير إبراهيم وتشجيعه لشخفه بها من ناحيةء ثم لأنها لم تلق الاهتمام الكامل قبل عهده على المستويين الرسمي والشعبيء وبالتالي كانت في زمنه كالنبتة الناشئة تتطلب قدرا كبيراً من العناية من نأحية ثانيةء فضلاً عن أنه لم يكن ينظر إليها بعين الرضا من الفقهاء في حين أن العلوم النقلية كانتت فد تأصلت في إفريقية وكانت تلقى المساندة من معظم الطبقة المثقفة فيها بالإضافة إلى العامة من ناحية ثالثة» وعلى ذلك كان لا بد له من يذل جهود مضاعفة في سبيل بث هذه العلوم في بلاده والنهوض بها لتقف على قدم المساواة مع العلوم التقليةء فاتجهت جهوده في هذا السبيل تبعاً لذلك اتيجحاهات متحذدة :

استحلاب الكتب :

حرص الأمير إبراهيم هنل توليه الحكم على استجلاب الكتب العلمية في شتى صنوف العلم والمعرفة من مضائّهاء فمن المعروف أنه كان يرسل في كل عام- وأحياناً مرتين في السنة - سفارة إلى دار الخلافة ببغداد في مهمات سيأسية» فكان يغتئم هذه المناسيات ويكلف رؤساء هذه البعثات والذين كانوا وقكذ يختارون في الغالب ممن عرفوا بالذكاء والكياسة من رجالات الفكرء بالبحث عن نفائس الكتب في الأقطار التي يمرون بها كمصر وبلاد الشام والعراق وشرائها مهما غلا ثمنها سواء تلك التي صنفها علماء مسلمون أو المترجمة من علوم اليونان والسريان والفرس والهنود وغيرهم من الأآمم السابقة'». فضلاً عما كان يحضره طلاب العلم المغارية

ف4 أنظر «حسين سني تقب اإلوهاب : ورقات ق١‏ ص 39 .

بارا

منها من المشرق عند عودتهم إلى بلادهم؛ وكذلك الوراق وتجار الكتب لاهتمامه بها ورواج سوقها عنده.

وهكذاء وعن هذه الطرق تم استجلاب الكثير من الكتب إلى إفريقية في عهدهء ويكفيئا ذلك دليلاً على أن الحركة العلمية في الدولة الأغلبية وقتثل كانت على صلة وثيقة بالمراكز العلمية في مشرق العالم الإسلامي: وأقول في المشرق الإسلامي» لأن المراكز العلمية في مغربه لم تكن قد ظهرت بعدء أو على الأقل لم تكن قد لحقت بمراكز المشرق في -حقل العلوم العقلية والتجريبية» الأمر الذي يشير إلى أن هذه الحركة كانت مواكبة وقتئل لنظيرتها في المشرق مما أَهّلها لتكون نقطة الانطلاق لهذه العلوم إلى غرب العالم الإسلامي بأسره.

ويؤكد هذه اللحقيقة ما أورده الخشني في طبقاته في تعريفه بعيد الله بن الأشج الذي تقدم ذكره عن انتشار علم ألكلام في إفريقية في ذلك العهد على نحو ما كان في العراق بفضل هذا الاتصال الفكري بين القطرين والذي كان للكتب المستجلبة دور فعال فيه بطبيعة الحال حيث يقول: (...وعبد الله بن الأشج كانت له رحلة ودتمل العراق» وكان من أهل المناظرة والجدل» سمعبت من يذكر عنه أنه لما قدم من بغداد دخخل عليه أحداثك القيروان للسلامء فقال لهم: ما الذي يتكلم فيه أهل القيروان اليوم؟ فقيل له: في الأسماء والصفات» فقال: إنما تركت الناس بالعراق يتواقفون في مسألتين: مسألة القدرء ومسألة الوعد والوعيد)2©.

ثم هأ أورده كذلك في ترجمته لأبي إسحق المعروف بالعمشاء الذي كان

(4 أنظر الخشني : المصدر السابق ص 455١+‏ وانظر كذلك -حسن سني عيك الوهاب: ورقات ق١‏ صرللكة ؟.

خرليا

تاأجاع ومزز -[أم مبحبايي 3

من متكلمي القيروان المشهورين أيضاً حيث يقول: (ومن أعلام رجال الكلام في القيروان: أبو إسحق ويعرف بالعمشاءء يذهب إلى خلق القران ويناظر فيه المناظرة الشديدة» وله في ذلك داعيةء» وله لمّة وأصحاب وأحزاب في ذلكء. يجالسونه ويختلفون إليه. . .252 ثم ما جاء في مناظرة سعيد الحداد لعيد الله بن الأشج وأصحايه التي أشرنا إليها حيث يصف شيوع المناظرات الكلامية في إفريقية وقعذ: (... فقلت له: أيها الأمير! إن ما استفاض من الخبر وانتشر دخل على البكر في خدرهاء والبدوي في بدوه. . .)20 ثم ما يقوله الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب من أنه أحصى من علماء الكلام والجدل من أهل إفريقية خلال القرن الثالث وأوائل القرن الرابع الهجريين - ويغطي عهد الأمير إبراهيم فترة طويلة منها - نحو ثلاثين متكلماً ومن المعتزلة في العصر نفسه ما يقارب العشرين”".

فإذا كان هذا هو شأن علم الكلامء الذي كان علماً ثانوياً في القيروان» لا يأبه له إلا القلة من المثقفين وطلاب العلمء إذ كأن غير مرموق بعين الرضا من قبل الفقهاء والمحدثين فيهاء ومنهم من كان ينظر إليه بتأقف يصل أحياناً إلى .حد السخط عند البعض والبدعة عند بعض آخرء فما بالنا بالعلوم الأخرى؟ إنه مما لا شك فيه أنها كانت أوسع انتشارا وأكثر نشاطاء ومما لا شك فيه أيضاً أن الكتب المستجلبة كانت أحد المحاور الرئيسية لهذا النشاط.

4)١(‏ النظر الخشني: المصثر السابق ص١‏ ؟؟»؛ وانظر كذلك حسن حسني عبد الوهابه: ورقات ق١‏ مريذالا- 15155.

0 المالكي: المصدر السايق» ترجمة سعيد اللحداد.

(49 -حسن حستي عبق الوهاب: ورقات ق١1‏ صة؟ة!؟.

5

حركة الترجمة :

ولا تقل جهوده في ميدان الترجمة عن تلك التي بذلها في الميادين العلمية الأخرىء فقد كانت حاشيته تضم العديد من فتيائنه الصقالبة الذين كانو!ا يحسئون اللختين اللاتينية والعربية مثل (سواده التصراني»)» و(بلاغ) الذي تقدم ذكره» و(شكر) وغيرهم والذين تبوأوا متاصب رفيعة في دولته؛ والذين نظرا لذلك؛: ولقربهم منه ولمعرفتهم بشغفه بالكتب العلمية يعتقد أنه كان لهم ثمة دور في استجلاب عدد منها من الولايات الأوروبية التابعة

فريقية أنذاك وبصفة خاصة من صقلية لكسب رضا أميرهم» وريما المساعدة في ترجمة بعضهاء الأمر اللي أدى إلى نشأة حركة الترجمة في إفريقية في هذا العهدء والتي لم تلبث أن تظافرت الجهود ودفعتها إلى الأمام.

ويذكر الأستاذ حسن حسني عبد إلوهاب» أن الأمير إبراهيم نفسه تتخير بعض المصنفات اللاتينية في العلوم الرياضية. من بين تلك التي كان قد اطلع عليهاء وكلف بعض الرهيان الصقليين المتكلمين باللغة العربية يترجمتهاء وضم إليهم بعض اللغويين من أهل إفريقية» لتنقيح تلك الترجمات لغويأ وإعادة صياغة عباراتهم في قالب عربي صحيح رغبة منه في تعميم فائدتها ونشرها بين الناس”''؟. ولم يقتصر الأمر على ذلك» بل تمت ترجمة كتب أخرى في مواضيع مختلفة: ويؤيد ذلك ما ذكره الحسن الوزان من أنه رأى في إفريقية ترجمة عربية لكتاب (بلينوس #تسةام) الروماني في علم التبات”*'؟» والذي يرى الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب أنه لم يترجم في الأندلس لا في عهد عبد الرحمن الناصر ولا في عهد ابته

(0 أنظر -حسن حسني عبد الوهاب: ورقات ق١‏ ص١ .7١‏ () الوزان: وصف إفريقيا الشمالية ص 15997 .

دار

الحكم» وبالتالي يرجح أنه ترجم في (بيت الحكمة») برقادة في عهد الأمير

5 فف إبراهيم ‏ .

ومن المعروف أن هذا الكتاب كان ذا نفع كبير للعشابين (الصيادلة) في غرب العالم الإسلاميء إذ كان أحد مصادرهم الهامة التي اعتمدوا عليهاء كما يعتقد أن الترجمة العربية لكتاب (تاريخ الأمم القديمة) المنسوب للقديس (جيروم 262006 ) المتوفى سنة التي عثر عليها في المكتبة العتيقة بعجامع عقبة بن نافع في القيروان» وهي نسخة فريدة لا ثانية لها في اعتقاده والتيى كتب على هوامشها بعض الكلمات بالأحرف اللاتيئية منهأ اسم المؤلف» أنها قد ترجمت في هذا العهد أيضا''.

وبناء على ذلك» فإن حركة الترجمة على اللغة اللاتينية قد تأسست وازدهرت في هذه الغترة بفضل رعاية الأمير إبراهيم لها» وبلغ من اهتمامه بها أن مخصص لها إحدى القاعات الرئيسة في جامعة (بيت الحكمة) كما سيأتي ذكرهء كان يجتمح فيها المترجمون والنساخ واللغويون لهذا الغرض.

وتسجدر الإشارة هنا إلى أن الكتب التي بر جعت في المشرق إلى العربية من معصنقات علتماء الأعم السابقةقء كانت كلها عن اليوئانية أو الفارسية أو السريانية أو السنسكريتيةء ولم يترجم في أي من مراأكزه العلمية المتعددة أي مصنف عن اللاتينية» وما تمت ترجمته عن هذه اللغة إلى العربية كات في إفريقية والأندلس» ولإفريقية وبصفة خاصة في عهد الأمير إبراهيم فضل إالسيق وعركز الصدارة في ذلك .

)١(‏ حسن حسني عبد الوهاب: ورقات ق١‏ ص؟:7. (1) حسن حسني عبد الوهاب: ورقات ق! ص؟*؟.

طلم

اجتذاب العلماء :

وبالإضافة إلى ها تقدمء بذل الأمير إبراهيم جهودا كبيرة في سبيل استقطاب العلماء على اختلاف تخصصاتهم إلى بلاطه من المشرق والمغرب على حد سواءء أما بالنسبة للمشرق» فقد كأن يكلف مبعوثيه وسغراءه إلى دار الخلافة للاتفاق مع أكبر عدد ممكن من علماء العراق ومصر والشام؛ وبذل الوعود لهم وبسط آمالهم وإغرائهم بكافة المغريات لاجتذابهم للالتحاق بخدمة أميرهمء حيث كانوا يلاقون منه الرعاية والتكريم» والتقدير لعلمهم ومواهبهم حق قدرهاء وكان من أشهر من وفد إلى بلاطه مثهم تبعاً لذلك: إسحاق بن عمران الطبيب» وعئمان بن سعيد الصيقلء» وموؤنس المغني الذين سنتعرض للكرهم بعد قليل» وغيرهم.

وآعا بالسبة ل[لمغربء ثقد اجتذب بلاطه أيضاً نخبة من أنجلاء العلماء سواء من المشارقة الذين كانوا قد رحلوا إلى المغرب الإسلامي طلباً لحظهمء أو من المغاربة النابهين بخاصة من الأندلس» ومن هؤلاء: أبو اليسر الشيباني البغدادي» ومحمد بن أحمد بن الفرج البغدادي» اللذين استقرا في بلاطه بعد أن طوّفا في أرجاء العالم الإسلامي لما لقياه من رعاية وتكريم؛: واضطلعا بدور كبير في تطوير إدارة الدولة وتنشيط الحركة العلميةفي إفريقية» وكان هتالك عدد أخخر على شاكلتهما ممن التحق بخدمة الأمير على هذا التحو.

ولم يقتصر الأمر على العلماء الوافدين من الخارج» بل استقطب الأمير أيضا نخبة من كبار العلماء من أبناء إفريقية ذاتها كان من أشهرهم: إسماعيل بن يوسف الطلاء المنجمء شيخ الكيميائيين والفلكيين الأفارقة في عصرهء ومحمد بن ححيون المعروف بابن البريدي» وزياد بن خحلفون الطبيبء وعبد الله بن الصانع. وأبو بكر محمد بن أبي خالد بن السجزارء

مم

وأخموه إبراهيمء وابن القمودى» وابن القيار» وعبدالله بن الأشج ء وسبعيك الحذاد وغيرهم .

وهكذا ضم بلاط الأمير إبراهيم نخبة من خيرة علماء ذلك العصر -حتى أصبح بهم صورة مصغرة من دار الخلافة في بغدادء والذين ببجهودهم وجهود الكثيرين غيرهم من معاصريهم؛:ء وجهود تلاميلهم من يعذدهم لهضت إفريقية النهضة العلمية الكبرى في هذا العصرء التي تشكل صفحة خالدة في تاريخ الدولة الأغلبية. جامعة بيت الحكمة :

وتوج الأمير إبراهيم جهوده في رعاية الحركة العلمية في إفريقية بإنشاته أول جامعة بالمعنى المفهوم للجامعة في المغرب الإسلامي هي جامعة (بيت الحكمة) » ويعتقد الأستاذ حسن حسني عبدالوهاب أن هذه الجامعة كانت في أحد قصرين: إما (قصر الصحن) أو (قصر الفتعم) برقادة"" وأنها بنظامها وأقسامها كانت تشابه سميتها في بغداد مع حفظ الفارق بين دار اللخلافة ومقر الإمارة بطبيعة الحال .

ومن المرجح أنها كانت تضم خمس قاعات (مجالس) فسيحة فرشت جميعها بالحصير واللبود الجميلة» وتضدت فيها الطتافس والمقاعد لجلوس المدرسين وكبار الزوار””ء ونقول: من المرجحء لأنه لم يصلنا من المعلومات عن هذه الجامعة إلا النزر اليسير» ريما بسبب نظرة عدم الرضا التي كان يرمقها بها المتزمتون من أهل إفريقية لاشتغال الذين كانوا يؤمونها من مدرسين ودارسين بالعلوم العقليةقء فأغفلت العديد من المصادر

002 حتسين محتسي عيدالوهاب : ورقات ق١‏ عى؟7؟ وما بعلها, 0020 حسمن محسساي عيدالوهاي: ورقات ق١‏ ص 154 وما يعدها.

لذ

التاريشية ذكرها نتييجة لذلك .

وقد أفردت إحدى هذه القاعات لتكون مكتبة» فاحتوت على عدد ضاخم من الكتب نضدت في خزائن وأرقف خخشبية في شتى الموضوعات العلمية والثقافية جلبت من الاآفاق» وإلى جانب الكتب كانت هنالك خخحرائن تحفظ فبيها الالات الفلكية وأدوات البحث العلمي الس 210

وخصصت قاعة أخرى لأعمال النسخ والترجمةء إذ أنه كأن مرخصا لنساخ أن يقصدوا هذه الجامعة لاستنسام ما تضمه مكتبتها من كتب سوام

لأنفسهم أو لغيرهم بالأجرةء فكانت هذه القاعة تبعاً لذلك تعبج بالنساخ في معظم ساعات النهارء وكثيراً ما كان الأمير إبراهيم يكلف بعض العلماء بمراجعة بعض الكتب وضبطهاء فكان هؤلاء يقصدوئها فيحتلون بعض أركانها لهذا الغرضء ومن الواضم أن أعمال الترجمة التي أنجزت في هذا العهد قد تمت في هله القاعة.» حيث كانت تقدم للمترجمين كل ما يحتاجونه من مساعدة» وتسخر لهم كافة الإمكانيات المتاحة ليتمكنو! من إنساز المهام المنوطة بهم.

وأمأ القاعات الأخرى,» فقد خصصت للدرس والمناظرة حيث كان الأستاذ يجلس على كرسي ويلقي محاضراته على الطلبة الجلوس بين يديه في صفوف تزيد أو تقل حسب شهرتهء ونوع المادة العلمية التي يتناولها في تلك الميحاضرات» وكان يساعد الأسائذه معيدون يتولون الرد على أسثلة الطلبة بالشرح والتوضيح .

دما كانت هئالك أوقات تخصص للعلماء تدور فيها المناظرة بينهم في مواضيع ممختلفة بحضور الزوار وطلاب العلمء كثيراً ما كان يشهدها الأمير

44 صميو -حستي عي د الوهاب»: وركقات ١3‏ ص55 ١‏ ,

إبراهيم ويشارك قيهاأ أحياناً كمأ تقدم ذكره.

وكان يشرف على نظام (بيت الحكمة) قيّمون مهمتهم السهر على ما فيها من كتب وآلات» والمحافظة عليها من التلف والضياع وصيانتهاء ثم تقديم العون لمن يؤمها من العلماء والطلية والزوار ومناولتهم ما يرغبون قيه من كتب أو آلات» ويرأس هؤلاء الرئيس أو الناظر الذي كان يختار عادة من بين الشخصيات العلمية المرموقة ويدعى (صاحب بيت الحكمة)» والذي كان بالإضافة إلى هذه المهمة الإدارية يضطلع بمهامّه العلمية من تدريس ومناظرة وبحث علمي» وكان أبو اليسر الشيباني أول من تولى هذا المتصب .

وأما الهيئة التدريسية» فقد أختارها الأمير إبراهيم من بين العلماء الذين ضمهم بلاطهء وقد عرف الأستاذ حسن -حسني عبد الوهاب بالعديد منهه”ا؟. وأول من يذكر منهم أبو اليسر الشيباني الذي كان حجة في العلوم القلية ويخاصة اللغوية منهاء إلى جائب براعته في العديد من العلوم العقلية وبخاصة الرياضيات حتى لقب بالرياضي» ولعل وصف الرقيق القيرواني له بقوله: (وكان ضارباً في كل علم وأدب"©: ما يقدم لنا فكرة واضحة عن علمه الغزير وسعة اطلاعه: وقد تخرج على يده جيل من الأدباء واللغوين في إفريقية""ء كما نقل إليها عدة كتب لغوية ودواوين لبعض مشاهير شعراء المشرق التي لم تكن قد وصلت إليها بعد»ء ونظرا لهذه المكانة العلمية التي تبوأها ولكفاءته الإدارية حظي بمكانة سامية لدى الأمير إبراهيم كما سيقت الإشارة إليه وكان من أكثر شخصيات البلاط

انر حسن «حستي عبد الوهاب:: ورقات ١‏ ص 5٠١‏ وهأ بعدها , (؟9) أتظر حسن «حسني عيد الوهاب: ورقات ق١‏ ص20 ؟. إفوة انظر تسيو حستي عدبله الوهاب:: ورقات 13 ص4 ؟.

قر

قربا علك .

ثم إسحق بن عمران الطبيب المشهورء البغدادي المولد والنشأة» والذي أخل عن مشاهير أطباء العراق» ودرس العلوم الفلسفية وغيرها من العلوم العقلية» فبرع في الطب والصيدلة وعلوم الطبيعة فضلاً عن الفلسفةء وقد اشتهر بلقب (سم ساعة)ء ربما لسرعة تأثير الأدوية التي كان يصفها للمرضىء أو لمهارته في تركيب السمومء أو لكلا الأمرين معأ وكات من أوائل أطباء المسلمين الذين درسوا الطب النفسي أيضاء ويعتبر كتابه في هذا العلم (المالنشوليا هنامءسواء384) الذي وصف فيه أمراض الوسواس أوالمر ض السوداوي وطرق معالجته من أول مصنفات المسلمين في هذا المرض وفي ذلك يقول ابن جلجل: (لم يسبق إلى مثله)'؟» والذي ترجمه قسطنطين الأفريقي إلى اللاتينية في القرن الحادي عشر للميلادء فكان بذلك من بين أول كتب علوم العرب والمسلمين التي وصلت إلى أوروباء وأول كتاب يصل إليها في هذا العلم؛ ويعتبر إسحق بن عمران بحق المؤسس الأول للمدرسة الطبية بإفريقية» وقد تخرج على يده أيضاً جيل من الأطباء فيهأ مثل محمد وإبراهيم ابتا الجزارء وإسحق الإسرائيلي وغيرهمء وإبراهيم هذا هو والد أحمد بن الجزار شيخ أطباء القيروان الذي اشتهر في أوائل عصر الدولة الفاطمية وطبقت شهرته الآفاق.

وهكذا كان اسحق بن عمران تبعاً لذلك من أقرب المقربين للأمير إبرأاهيم أيضآً '

ومنهم أيضاً زياد بن خلفون» الذي كان طبيب الأسرة التحاكمة والمحاشية الأميرية » وكاك يسكن القيروان في بداية أمرم ويشرف على معالجة المرضى

)00 أبن .جلجل: طبقات الأطياء والحكماء ص86,

كليم

في الدمنة (مستشفى القيروان!”2)» ثم انتقل إلى رقادة بعد ذلك بناءً على رغبة الأمير إبراهيم ليكون قريباً مندء ومنذئذ قام ابن خلفون بالمهمة التي قيامء وبناء على ذلك» فإن دوره في البلاط الأغلبي يذكرنا بالدور الذي قأم به جبرائيل بن بمختيشوع في بلاط الرشيد.

ثم أبو سعيد عثمان بن سعيد المعروف بالصيقل الذي تقدم ذكره؛ والذي تلقى علومه في بغداد وأخذ عن مشاهير علماء العراق وقعذ مثل ثعلب إمام اللغوين في عصره ونظرائه من المتقدمين في كل علمء كما تعلم العديد من الصناعات الدقيقة حتى أتقنها مثل صناعة الالات العلمية» والتي كان منها الآلات الفلكية والرياضية وربما لقب بالصيقل لهذا السبب كما تقدم ذكر'"» كما مهر أيضاً في صناعة الورق» وفي إفريقية أخذ عن عدد من العلماء الذين كان يزخر بهم بلاط الأمير نخص منهم بالذكر أبا اليسر الشيباني .

وهكذ! برع الصيقل في العديد من العلوم والصناعات التي جعلته من ألمع رجالات البلاط ومدرسي (بيت الحكمة)» وقد نخدم خليفتي الأمير إبراهيم من بعده» وعندما انقضى عهد الدولة الأغلبية خشي على نفسه من

(0) عرف المستشفى ني إفريقية الأغلبية ياسم (الدمنة): ولعل السبب في ذلك يعود إلى أن أول مستشفى تم إنشاؤها فيها كان في موضع بالقيروان يسمى الدمنة كرب من سجد السب قأطان عليه اسم ذلك الموضع فصار علماً له وأمقط أسم بيمارستان أو مستشفى» وحينما بنيت المستشغيات بعد ذلك في مدن إفريقية الأخرى مثل تونس» سوسةء صقافس : وكانت على غرار مستشفىي القيروان في نظامها وترثيبها حملت نفس الاسم»ء وهكذ! شاع إسم الدعتة بدلا من المسيتشقى . انظر -حسن -حسني عبد الوهاب: ورقات ق١‏ ص 1لا .

() انظر حسنع بحسئي تيد الوعاب: ورقات ق١!‏ ص8 وما بعدها.

الم

عبدالله المهدي -خليفة القاطميين الأول» فهرب إلى الأندلس والتحق ببخدمة الحكم المستنصر الأموي وبقي في قرطية حتى أدركته منيتهة.

ومن هؤلاء أيضاً عبدالله بن الصانع الذي تبوأ مكانة علمية سامية بين أقرانه» أذ برع في العديد من فروع العلم والمعرفة» وقد شغلل بعضص المناصب بالإضافة إلى عمله كمدرس في (بيت الحكمة)» وظل يرتقي في هذه المناصب في عهد الأمير إبراهيم ثم في عهدي خليفتيه من بعذه حتى اختاره زيادة الله الثالث وزيرا له بالإضافة إلى البريدء وبذلك يكون قد وصل إلى أعلى المناصب اللحكومية"'.

ثم إسماعيل بن يوسف الطلاء المنجم الذي تقدم ذكرهء والذي برع في علوم اللغة العربية حتى قال عنه الزبيدي أنه كان مقدماً فيهاء ثم في باقي العلوم اللسانية بالإضافة إلى الكيمياء والفلك» وقد قربه الأمير إبراهيم منه وأسكنه في رقادةء وكان هو الآخر يتمتع بمكانة سامية في بلاط الأميرء ومن المرجح أنه كان يخصص قدراً من وقته للتدريس في بيت المحكمة): وكان لقربه من الأمير يرافقه في غدواته وروحاتهء وقد رافقه إلى صقلية وجنوب إيطاليا -حيئما نذر نفسه للجهاد كما سيأتي ذكرهء ثم عاد إلى القيروان بعد وفاتهء وقد الجأ هو الآخر إلى الأندلس خشية من ملاحقة المهدي الفاطمي له عند قيام الدولة الغاطمية ويها كانت وفاته.

ثم أبو بكر بن القمودي المشهور بالفيلسوف الذي تخصص في الدراسات الفلسفية والجدل والمناظرة» والذي وصفه الخشني بقوله: (كان

0غ0)ن أتظر حمسن سني عيذ أثوهاب : ورقات ١‏ ص ١‏ ؟١,‏ فق انظر الخشني: المصنر السابق ص ١١4‏ وما بعدهاء كذلك ابن عذاري: المصدر السابق جا ص ١55‏ حسمن -حسئي عبيد ألوهاب : ورقايت قا ص١اه؟.‏

خرر

حاد القئا بصيرا بوجوه الكلام» عارفاً بأيواب المناقضة» متدرباً في صناعة المعارضة. . . وغلب عليه مذهب الاعتزال حتى لقب بالفيلسوف فصار نعتاً له)''“ء والذي كثيراً ما شارك في المناظرة العلمية والمذهبية التي كانت تدور في (بيت الحكمة) وقذء وأظهر من سعة العلم والمقدرة في المناظرة والجدل ما ميزه عن أقرانه» وقد استمرتك صلته الوثيقة بهذه الجامعة إلى ما بعد سقوط دولة الأغالية وقيام الدولة الفاطمية» حيث كان من أكبر متاوثي الدولة الجديدة؛ ويقول الخشني أنه ناظر أبابكر أبا العياس الشيعي برقادة (أي في بيت الحكمةعلى الأرجح) مناظرة أفحمه فيها مما أثار عليه أباعيدالله الشيعي داعية الفاطمين الأكبر الذي كان يحضر المناظرة: فوجه إليه من الكلام عا جعله يخشى منه على نفسه فاضطر للاعتذار إليهء بل كان ذلك هو السبب في اتضمامه إلى دعوة الفاطمين منذكل فولوه دار السكة”'".

ومن هؤلاء أيضاً ميحوك بن أحمد بن الفرج اليغدادي » وابن اليريدي ؛ وأبن القيارء وأبني الجزار الآنفي الذكرء ويكر بن حماد: وسعيد بن الحداد الذي تقدم ذكره» وغيرهم ممن التحقوا ببلاط الأمير إبراهيمء وكانت لهم صلة ببيت الحكمة سواء بالتدريس أو المشاركة في المناظرات» مما يقدم لنا صورة وأضحة عن مدى نشاط الحركة العتلمية في تك الجامعة .

ومن هذا العرض السريع لأقسام جامعة (بيت الحكمة) ونظمها وهيئة التدريس فيهاء يتبين لنأ أنها كانت جامعة علمية بالمعنى المغهوم لهذه

(0 المخشتي : المصكر السابق صض؟؟؟ وما بعلهاء كذلك ابن عذاري: المصدر السابق سا م4128 حسن حسني عبد الوهاب: ورقات ق١‏ ص1 12.

١ج الخشتي: المصدر السايق ص؟؟؟؛ كذتك ابن عذاري: المصدر السابق‎ )١( عيرة55.‎

8

العلمية دفعة قوية إلى الأمام إذ أصبح ينتج بكثرة ويباع بأسعار زهيدة وبالتالى أصبح في متناول الجميع» دفي خطوة تطويرية ثانية أتد الصناع يصنعونه من مأدة رخيصة أخرى هي القطن الذي كان يزرع أيضاً في نواحي عديدة من إفريقية .

ولم يقف الأمر عتد هذا الحدء بل خطت هذه الصناعة نعطوة هامة أخرى في هذ! العهد هي التوصل إلى صناعته من شرق الكتان البالية ممأ زاد في تدني أسعاره أيضاًء وقد وصل إلينا نموذج من الورق المصنوع في إفريقية من هله المواد الأولية الرخيصة» هو عبارة عن كرّاس صنع ونس كذلك في القيروان في هذا العهد؛ وفي سنة ١لااه‏ / 85م على وجه التحديد” 2 فضلا عن نماذج أخرى تعود صناعتها إلى هذه الفترة تحتفظ بها المكتبة العتيقة بجامع عقبه بن نافع بالقيروان!؟'.

كما حفظ لنا التاريخ أسماء العديد من صناع الورق الأفارقة في هذا العهدء نذكر منهم عثمان بن سعيد الصيقل الذي تقدم ذكرهء» وإبراهيم بن سالم المعروف بالوراق الإفريقي. والذي لا زال جامع القرويين بفاس يحتفظ بقطعة من الورق مما صنعه للحكم المستنصر الأموي بالأندنس”". ثم محمدذبن يوسففب التأريحي المشهور بالوراق أيضاً: وميحمد بن المحارث العخشنيء» وجميع هؤلاء ارتحلوا إلى الأندلس عقب سقوط دولة إالأغالبة والتحقوا بخدمة الحكم المستنصرء وأخذو! يصنعون له الورق لسد -حاجة دواوينه ومكتبته الضخمة المشهورة منه*؟؟» فكان لهؤلاء ولغيرهم من صناع

)١(‏ انظر حسن بحسني عبد الوهاب: ورقات اق ص151. (؟) انظر -حسن -حسني عبد الوهاب: ورقات ق١‏ صريه١7.‏ أنظر حسن -حسني عبد الوهاب: ورقات قا ص157. (5؟6 حسن سسني عيد الوهاب: ورقات ق7 صر غلا؟.

05

الورق الأفارقة الذين ارتحلوا إلى الأندلس آنذاك والتي تزامنت مع بداية ازدهار الحركة العلمية هناكء الفضل الأكبر في نقل هذه الصتاعة الهامة إلى تلك البلاد.

الحركة الفنية :

واستكمالاً لهذا الموضوعء: يجدر بنا أن نشير ولو إشارة عابرة إلى جهود الأمير إبراهيم في تنشيط الحركة الفنية في إفريقية» فقد كانت على قدر من الأهمية بحيث يصعب عليئا إغفالهاء كانت بوادر هذم الحركة قد ظهرت في عهد إبراهيم ين الأغلب مؤسس الدولة الأغلبية» بنخاصة منذ أن أنشأ مدينة العباسية واتخذها مقرأ لسكناه»: حيث بدأ بعض الغنانين يفدون إليها من المشرق ويقيمون في بلاطه؛ فيشربون الأمراء الصخار روح الفن بعيداً عن القيروان ذات الطايع الديني المحافظ مع ما كانوا يتلقونه من علوم على أيدي المؤدبين » كما أن بعض الجواري كن يأذن عنهم أصول الموسيقى والغناءء ويذلك بذر هؤلاء اليذرة الأولى للحركة الفنية في [فريقية”'*.

وأتت الدفعة القوية الثانية لهذه الحركة من زرياب الذي مر بإفريقية بعد ذلك بقليل أي في أواخر سنة 708ه / 4877م في طريقه إلى الأندلس» إذ اتصل بالآمير زيادة الله الأول الذي أكرمه وأسكنه في أحد قصور العباسية("؟ وألحقه بحاشيته» ولولا اتشغال الأمير بالقضاء على المشاكل التي واجهته وقتثذ لربما استبقاه وصرفه عن الرحيل إلى الأندلس؛ وعلى أية حال» أقام زرياب في العباسية بضعة أشهر تعهد فيها تلك الحركة الفنية

2040 سخ تساي عبد الوهاب: ورقات ق؟ صرفلا . (4 بحسن سئي عد الوهاب: ورقات ق؟ ص 183 .

3

ألئاشثة بقدر مأ و سصعكة الوقت » وتورك بصمأته وأضمحة عليها.

م واصلت هذه المحركة مسيرتهأ بعد ذلك نتسيحة للاتصالات المستمرة بين إفريقية والمشرق بعامة والعراق بخاصة»ء التي كانت تحقئها دوما يدماء جديدةء فلم تلبث تبعاً لذلك أن جاوزت العباسية إلى القيروان نفسها بالرغم من المعارضة القوية التي واجهتها فيهاء إذ تشير المصادر التاريستية إلى وجود حي فيها مندذ أوائل الريع الثاني من ألقرن | الكالث الهسجري من ويقصده محبو اللهو والسماع من الشباب وأهل المجون 2 للمتعة» وقد شرف7).

وازداد نشاط هذه الحركة في عهد الأمير أحمذابن محمد والد الأمير إبراهيم بما كأإن يحضره من جوار مغئيات من المشرق» وتقول المصادر أنه كان له مجالس للسماع يحشضرها نذماؤه. وآخرى خاصة كأن ينقرد فيهأ بع جواريهء ويلغ من حبه للغناء والموسيقى أن جلب من بغداد كمية من المنبر البديع الذي يرى الآن في جامع القيرو ود إلا أن تأثير هذه التوبة لم يكن كبيرا على الحركة الغنية إذ بقيت في تقدم مُطرد في زمن خليفته زيادة بده الثاني و محمل الثاني (أبو الغرانيق).

إل إنها دون شك بلغت أوج نشاطها في عهد الأمير إبراهيم الذي

693 محسين حسلني بد الوهاصب: ورقات 3” صرىملاةا .

5

أولاها عنايته لرغيته الصادقة في رعاية كافة جوانب الحركة اللحضارية في دولته وترسيخها دون استثناء. فمنذ إنشاء رقادة؛» يما حياها الله سيبدائه وتعالى من جمال الموقعم وطيب الهواء وكثرة البساتين والحدائق» وجو الحرية الذي وفره لها الأمير أخحلت تجتذب الفنانين على اختلاف ميولهم للإقامة فيهاء ومع المشارقة الوافدين إلى البلاط الأميري تسريت إليها المؤثرات الفئية الجديدة التي كانت نتاج أحدث ما طرأ على الفنون في المشرق من مستجدات» ونتيجة لذلك كله انتشرت فيها محلات اللهو ومجالس الطرب ومحلات بيع النبيذ الذي كان يباع فيها علانية ويمنع ذلك في القيروان حتى لا تثور ثائرة الفقهاء على الحكومة مما جعل بعض. الظرفاء من أدباء القيروان يمخاطب الأمير إبراهيم بقوله:

يا سيك الناس وأيسن سييدهم ومن إليه رقاب الناس متقاذه ما حورم الشرب فسي مدينتنا ‏ وهو حلال بسأرض رقادة'"

وبناء عليه أخذت رقادة تشهد نهشة فنية واسعة مما جعلها تصبح محور الحركة الغنية في إفريقية بأسرها.

ودعم الأمير إبرأهيم هذه الحركة باستقدام مجموعة من الفنانين المشارقة كان من ضمئهم مؤنس المغني مع سفيره (أبي بحر بن أدهم) الذي أرسله إلى بغداد سنة #هماه/ 5وم'". كان مؤنس قبل قدومه إلى إفريقية في خدمة موسى بن بغا القائد العباسي المشهورء وكان قد تتلمذ على مجموعة من مشاهير فتاني العراق وحفظ ألحانهم فضلاً عن الكثير من ألحان غيرهم من القدامى والمعاصرين» وأتقن العزف على عدد من الآلات الموسيقية

. آاليكري: المصنر السابق ص ؟‎ )١(

هو

المعروفة وقصذ بخاصة العود والطنبورء وتبعاً لذلك» لم يلبث أن حظي بمواهبه المتعددة لدى الأمير إبراهيمء فأصبح أحد ندمائه المقربين وأئيسه الذي يسرّي عنه بغناثه كلما تاقت نفسه للراحة سواء في ممجالسه الخاصة أو التي كأن يحضرها جوأريه ,

ولكن دور مؤنس الأهم في نشاط الحركة الفنية هو انتشار الغناء والموسيقى الشرقية في إفريقية عن طريقه بقوة أكبر عن ذي قبل» ذلك أنه أذ يلقن المغنيات من جواري الأمير ما يتقنه من ألحان”'؟. فضلاً عن جوارىق بعش الأمراء وكبار رجالات الدولة» وعن طريقهن شاعت في رقادة ومنها انتقلت إلى القيروان ثم إلى باقي أنحاء إفريقية» يخاصة وأنه أقام في البلاط الأميري مدة طويلة» إذْ بعد وفاة الأمير إبراهيم مخدم الجمسقشيه عبدالله الثاني وزيادة الله الثالثك» كما نخدم السهدي الفاطحي يعد سقوط دولة الأغالية وانتقل معه إلى المهديةء وبقي في خدمته إلى أن وآفاه الأجل فجأة في سنة 4الاه / *985م'". وعلى ذلك». ونظرا لإقامته الطويلة في إفريقية التي زادت عن الثلاثين عاماً وجهوده المتواصلة في تطوير الحركة الفنية فيها» فقد قام فيها بنفس الدور الذي قام به زرياب في الأندلس . اسئناف حركة الفتوسحات :

قلنا أن الأمير إبراهيم تولى الحكم في وقت كأنت قد فترت فيه -حركة المجهاد والفتوحات الإسلامية في جنوب غرب أوروباء وليس ذلك فحسب» بل إن صحوة الدولة البيزنطية في ظل الأسرة المقدونية باتت تشكل خبطرآ

9 حسن حستني عبد الوعاب: ورقات ق؟ ص؟م ١1‏ . 0) أبن عذاري: المصدر السابق ج١‏ ص١58١.‏

45

كبيراً على المسلمين في الولايات الأوروبيةقء» خاصة أنه قام في تلك الآوئة تعاوث بين عاهلها الإمبراطور بسيل الأول والإمبراطور لويس الثاني الكارولنجي» ومما زاد الوضع سوة نجاح إمارة نابولي آنذاك ويمساعدة من أمالفي وجايتا وسورينتو في طرد المسلمين من بعض مواقعهم في جنوب ساليرنو» وتوقف المد الإسلامي في منطقة الأدرياتيكي.

لذلك.: فقد فرض عليه هذا الوضع أن يبذل قصارى جهده لمواجهة الخطر البيزنطي ودعم المسلمين في تلك النواحي بما يتاح له من إمكانيات تمهيدا لاستئناف -حركة الفتوحات من جديدء وكان لنجاح الأسطول الأغلبي في تيم مالطة قبل وقاة أبي الغرانيق بأيام أو في مطلع عهده هو - على خلافب بين المؤرمين في ذلك( - آثره القوي في رقع الروح المعنوية لدى المسلمين» إذ أن ذلك حرم الأسطول البيزنطي من قاعدة هامة في وسط البحر الأبيض المتوسط طالما أزعجتهم وهددت طرق المواصلات بين إفريقية وصقلية من جهةء وبينها وبين المشرق معن جهة ثأنية؛ فضلاً عن تهديد أرضها ذاتها.

أخل الأمير إبراهيم في أعقاب فتح مالطة يستعد لنقل الصراع بينه وبين البيزنطيين إلى الساحة الصقلية» وما كادت تمضي فترة وجيزة حتى اشتبيك معهم في حراب ضروس كان ينتزع من آيديهم خلالها المعقل تلو الآخبر . ففي سنة 135ه / لالا-04م هاجم جعفربن محمد واليه على تلك الجزيرة نواحي مدينة سرقوسه إحدى كبريات مدنها وقاعدة البيزنطيين الرئيسية فيهاء ثم اتسم نطاق عملياته العسكرية فشمل أراضي قطانية وطبرمين ورمطه وقد شجعته الانتصارات التي أحرزها في تلك العمليات على الزحف يقواته على سرقوسه ذاتها ومحاصرتها برا ويحرا حتى تمكن

(0) انظر د. سسف زغلول عبد الحميد: المرجع السابق ج؟ صن 1١‏ وما يحدها.

4

من فنحها بعد دفاع دام تسعة أشهر ألحق خلالها هزيمة منكرة بالأسطول البيزنطي الذي قدم لدجدتهاء كما أنه هزم أسطولا بيزنطيا آخر قدم لتجدتهاء كمأ أنه هزم أسطو ل بيزنطيآ أآخر قدم لاستعادتها من المسلمين بعد فتمحها بشهرين”.

وفي السنة التالية / 4ا- هلاحم غزا الحسن بن رباسم - اللي خلف جعفربن محمد بعد أن اغتاله غلمانه الصقالبة-- نواحي طيرمين التي لم يبق بأيدي البيزنطيين في صقلية من المدن سواهاء وألحق بالعدو هزيمة

ل وفي صيف العام التالي 55لاه / 9لا ١6ممء‏ وبثاءٌ على تعليمات من الأمير إبراهيم هاجم الحسن بن رباح إقليم بروفانس» ولم يكتف المسلمون بالغارةء بل شرعوا في الزحف ياتتجاه مرسيليا مما جعل الإمبراطور الكارولنجي يستنجد بحليفه البيزنطي الذي أرسل أسطولاً من 0 قطعة إلى المنطقة فصادف بعض قطع الأسطول الأغلبي فاشتبك معها في معركة غير متكافثة لم يجذ فيها استبسال المسلمين قمنوا بالهريمة*؟ ولكن بالرغم من هذه الهزيمة؛ فإن قواتهم استمرت في التوغل في جلوب فرنسا حتى اسنة الالاها / 4860م ففتحت كولونا وبعض شواطىء الرون”؟ وفي الوقت نفسه كانت سراياهم توالي شن غاراتها على

( انظر ابن الأثير ‏ المصدر السابق ج" ص؟١ء‏ أبن عذارى : المصدر السابق ج١‏ ص؟7١١؛‏ أبن خلدوث: المصدر السابق اجح4 ص7*5”ء د. مسد زغلول عبد التحميد : المرجع السابق ج7؟ ص75 وما بعدها.

0 إبن عذارى: المصدر السابق ج٠١‏ ص 21١7‏ كذلك د. سعد زغلول عبد الحميد: المر جع السابق سم؟ صصص انا ؟ ,

2 أبن عذارى: المصدر السابق ج١‏ صى97١١.‏

شكيب أرسلاث: تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسر! وإيطاليا وجزائر اليبحر الأبيضش المتوسط ص 458+" .

5/8

البيزنطين في صقلية تدمر أرضهم وتسف زروعهم وتعود محملة بالغتائه” .

ولم يكن الحسين بن العباس والي صقلية الجديد أقل حماساً من سلفه الحسن بن رباح في مواصلة الحرب ضد البيزنطيين» إذ لم يلبث أن خرج بعجيش كبير فهاجم نواحي قطائية ثم طبرمين وبقاره؛ واشتبك مع العدو في عدة معارك كان النصر يها لهء ثم عاد إلى بلرم بغنائم كثيرة©2: الأمر الذي أثار البيزنطيين فأخذوا يشئون على المسلمين غارات ممائلة» منها تلك الغارة التي اصطدمت بسرية إسلامية يقودها رجل يعرف بأبي ثور هزم فيها المسلمون ولم ينج منهم سوى سبعة ثقر فقط”'. وفي سنة 174ه/ زحفا محمدبن الفضل واألي صقلية الجديد على قطانئية فخرب تو أسحيها» كما شن أسطوله غارة مفاجئة على ميئائها فدمر مأ فيه من قطع بحرية» ثم اتجه إلى طبرمين حيث أصاب نواحيها من التخريب مثلما أصاب قطانية» وحيئما خرجت القوات البيزئطية لقتاله ألحق بها هزيمة مدكرةء وبلغ عدد قتلى الروم في تلك المعركة ثلاثة آلاف قتيل: وسارع للاستفادة من هذا النصر فهاجم قلعة الملك في تلك النواحي وفتحها عئوة فقتل مقاتلتها وسبى الباقي وعاد إلى بلرم وقد ملا جنده أيديهم من الغنائم» وفي السئة التالية هاجم رمطه وحيئما استعصت عليه تركها إلى قطانية حيث شنت سراياه غارات تخريبية في نواحيها عاد بعد ذلك إلى بلرم

(؟١)‏ ابن الأثير: المصدر السابق ج5” ص58» ابن عذاري: المصئر السابق ج١‏

صرلا١ ١‏ . () د. سعد زغلول عبد الحميد: المرجم السابق ج؟ صنة؟؟.

(*6 ابن الأآثير: المصدر السابق جم ص4"؟.

45

غائمة''.

وهكذا توالت هذه الشغارات التخريبية على مدن الروم في المجزيرة في عهد محمد بن الفضل» وفي عهد سوادة بن محمد بن خفاجة التميمي الذي خلفه في ولايتها سنة الالاه / 485م2 والجدير بالذكر هو أن هذا النوخ من الخارات لم يكن يقصد بها التخريب والدمار لذاته حبا فيه أو لمجرد الحصول على الغدائمء وإنما كأن أحد أساليب الحرب التي شاعت في الصراع الإسلامي المسيحي في مختلف جبهات هذا الصراع: وقد اتبعه المسلمون والتصارى على حد سواء ولا زال يتبع حتى في عصرنا الحاضر . والهدف الأهم له هو اختبار قوة العدوء وحرمانه من أقواته» وتهمجير أكبر عند من السكانء كل ذلك لإضعاقه في المنطقة التي تشهد تلاك الغارات تمهيد! لاحتلالها.

ونتيجة لهذا الضغط المتزايد من المسلمين» بادرت القسطنطينية بإرسال أسطول ضخم في سنة الالاه/ 0ههم إلى صقلية يقوده أحد القواد العظام هو نيقفور فوكاسء الذي ها أن وصل إلى المياه الإيطالية حتى شرب الحصار على مذينة سيبريئه (غطارعلع8 انامة5) في جنوب ايطالياء وضيق عليها الخناق حتى اضطر مسلموها للاستسلام له على الأمانء فدخلها وسمح لهم بالرحيل إلى صقلية» ثم اتجه بعد ذلك إلى مذينة منتيئه (ععامعسم) حيث انتزعها هي الأخرى من المسلمين» ويذلك أخد يهدد الوجود الإسلامي ليس في جنوب إيطاليا فحسبء وإنما في صقلية ذاتها أيضاً .

وتنبه الأمير إبراهيم لهذا الوضع الذي نجم عن اللحضور البيزنطي القوي

( إبن الأثير: المصنر السابق ج” صرة.

5 +

في تلك المنطقة» فرأى إسناد ولاية صقلية إلى رجل قوي من ثقاته يستطيع مواجهة هذ! الموقف فضلا عن ضبط أمور الجزيرة وما يتبعها من أراضص أوروبية والتي بدأت تشهد انتفاضات متعذدة عن أهالي اليلاد حينما أحسوأ باشتداد وطأة البيزنطيين على المسلمين» فوقع اختياره على قريبه أبي مالك أحمد بن عمر الأغلبي المعروف بحبشي الذي كان قائداً شجاعاً ومحتكاً عركته التجاربء والذي شرع منذ وصوله الجزيرة في سنة "الالاهل / اام في إعداد أسطول ضخم فضلاً عن القوات البرية» وفي الوقت تفسه يذل جهودا كبيرة في تهدثة الوضع في اليلاد بإخماده لما نشب فيها من اضطرابات وفتنء دون أن يغفل عن مراقبة تحركات البيزنطيين.

وقد استغرقت منه هذه الاستعدادات حوالي العامين: وما أن استكملها حتى شن هجوماً برياً وبحرياً على البيزنطيين: إذ اشتيك الأسطولان الإسلامي والبيزنطي في معركة مروعة» وفي نفس الوقت كانت المعارك البرية تدور في منطقة (ريو)» وكانت النتيجة أن انتصر المسلمون انتصاراً حاسماً في البر والبحر وقتل من الروم في تلك المعارك سبعة الاف وغرق متهم خمسة آلاف آخرين كما يقول ابن عذاري» وأحذت مراكب البيزنطين غي (ميلاص)؛: وهرب أهل (ريو2. وكان من نتيجة هذا الانتصار العظيم أن أخملى البيزنطيون الكثير من المدن والحصون التي تجاور المسلمين؛ وبالتالي رجحت كفة المسلمين وظهرت سطوتهم على عدوهم في إيطاليا حتى تتابعت سراياهم تشن الغارات المتلاحقة وتعود مظفرة إلى بلرم

641 انظر | اين عذارى: المصدر السابق س١‏ صل ١؟١ء‏ كذلك د. سعد زغلول عبد الحميد: المرجم السايق ج؟ ص177.

(؟) انظ ابن عذارى: المصدر السابق ج١‏ ص 215١‏ د. سعد زغلول عيد الحميد: المرجع السابق ج7 ص777.وما بعدها.

١*١

و في أعقاب ذلك رأى الأمير إبراهيم إعادة أبي مالك إلى إفريقية تحاجته

إليه فاستدعاهء فأناب هذا عنه في الجزيرة سوادة بن محمد وأليها السابق الذي عاد لسياسته السابقة في شن الغارات على البيزنطيين والتي كان أهمها هجومه بالصائفة على (طبرهين) ومحاصرتها في سن ااه / إلا أنه فشللى في فتحها.

ومع أنه كان من الممكن أن يستفيد المسلمون كثيراً من النصر الذي حققوه في معركة (ميلاص)»): إل أن المتاصب التي واجهها الأمير إبراهيم في إفريقية والتي اضطرته لاستدعاء أبي مالك» وشغلته عن صقلية» -جعلته لا يستفيد كثيراً من ذلك النصر كما ينبغيء وخفت وطأة المسلمين على البيزنطيين» وئيس ذلك فحسب» وإنما اضطرته هذه الظروف للموافقة على أن يعقد والي صقلية في سنة 787 / 440 صلحاً مع البيزنطيين مدته (0+) شهراً لم تكن شروطه في صالم المسلمين كما عهدناه من قبل»: فمع أن الروم أطلقوا بموجب هذا الصلح ألف أسير من المسلمين» إلا أن المسلمين وافقوا على أن يقدموا لهم بالمقابل ثلائة من العرب وثلاثة من البربر في كل ثلاثة أشهر كرهائن ضماناً للوفاء''2. وزاد الوضع سوء نشوب فتنة بين العرب والبربر في الجزيرة في سنة 188ه/ 4948م استنفدت من الأمير جهداً كبيراً حتى تمكن من إخمادهاء وتم القبيض على عدد من زعمائها من بينهم: أبو الحسن يزيد وولدامهء والحضرمي» وأرسلوأ إلى

إفريقية حيث لاقو! حتفهو”'.

(1) ابن عذارى: المصدر السابق م١‏ صن9؟1١.‏

(؟) انظر ابن عذارى: المصدر السايق سما ص١417»‏ ويقول أن أبا الحسن تناول سما فى حضرة الأمير إبرأهيم مات لساعتهء» وأما ولداه فقتلا صبراء وضرب المحضر مي بالمقارع -حتى مات .

٠١ ؟‎

ومع أنه تم القضاء على هذه الفتئةء إلا أن الأمير إبراهيم رأى أن يسند ولاية صقلية لابنه وولي عهده أبي العياس الذي كان يمائثل أبا مالك في الكفاءة إن لم يفقهء ليعيد الاستقرار إليها ويستأئف حركة السجهاد التي بدأت تفتر من -جديدا') ووصل أبو العيباس إلى المياه الصقلية في أسطول من () قطعة في غرة شعيان سئة /141ه/ ١‏ أغسطس ٠٠م‏ في وقت كانت فيه الفتنة بين العرب والبربر قد اشتعلت تأرة أخرىي» وكأن جيش العاصمة بترم حيث العرب يحاصر وقتقذ مدينة جرجنت -حيث البربر» لذلك اتجه بأسطوله إلى مديئة طرابئش البيزنطية وحاصرهاء وكان بذلك يوجه أنظار كلا الطرفين إلى الوجهة الصحيحة التي من المفروض أن يوجهوا قواهم إليها بدلا من انشغالهم بعضهم ببعض.» ولم تلبث كلتا المدينتين أن أرسلتا إليه وفديهما لإعلان ولائهما للدولة» ثم توالت الحوادث بعد ذلك بيئه وبين كلا الطرفين بما لا يتسع المجال لذكره عبر ابن خخلدون عنها بقوله: (فأغراه كل واحد منهم بالآخخر ثم اجتمعوا لحربه'"» وبذل أبو العياس جهودا كبيرة حتى تمكن من إطفاء نار الفتنة ثانية وبسط سيطرته على اليلاد» ومن ثم أخذ يستعد لمقارعة البيزبطيين.

وقد استهل -جهوده في هذا المجال بمهاجمة طبرمين» وحينما استحخصت عليها تركها وزحف إلى قطانية إلا أنها استعصت عليه هي الأخرى؛ فعاد إلى بلرم لقضاء فصل الشتاء”"؟» وفي مطلع صيف سنة 44اه/ ١١ام‏ زحف إلى مدينة دمنش وحاصرهاء ولكنه تركها وعبر مضيق مسيني إلى

000 انظر 3 سعد زغلول عيفد الحميد: المرجع السابق ج؟ ص1 7/7 , (؟» أبن تخلدوث: المصدر السابق جة م5١27‏ كذلك ابن الأثير: س5 حن"7١٠‏ . (7) ابن الأثير: المصدر السابق جا صر "”١٠ء‏ ابن عذارى: المصدر السابق ج١‏

صن 17.

مديئة (ريو) المقابلة في البر الإيطالي لضرب تجمعات للبيزنطيين كانت قد بدأت تحتشد فيهاء فاشتبك معها وألحق بها هزيمة مذكرةء تقدم يعدها وفتح المديئة التي لم يعد فيها ما يمنعه منها وأصاب فيها غنائم عظيمة؛ ورجع إلى مسيني حيث التقى بأسطول بيزنطي كان قد وصل لتوه من القسطنطيئنية فهاجمه وانتصر عليه وأسر ثلاثين قطعة منهء؛ ثم عدم سور مسيني حتى لا يباغتها البيزنطيون فتقع في أيديهم وبالتالي يسيطروث على مضيقها الهاه”©» الأمر الذي سيكون له بلا شك أثره اللخطير على المسلمين في العدوة الإيطالية.

وفي تلك الاونة: حدث تحول هام في حياة الأمير إبراهيم؛ إذ زهد في الحكمء ورأى أن يتجه إلى الله سبحانه وتعالى بكليته وأن يهب إليه ما تبقى من عمرهء بأن يتسك ويذهب لأداء فريضة الحج» ثم لم تلبث أن خطرت له فكرة مباشرة الجهاد بنفسه ليقرن الجهاد بالحج؛ لذلك أمر أيته أبا العباس بالعودة إلى إفريقية» الذي قدم إليها -جريدة في خمس شوائي تارك الجيش في عهدة ولديه أبي مضر زيادة الله وأبي معدء حيث تنازل له أبوه عن الحكمء في ححين باشر هو في الاستعداد للرحيل إلى صقلية للجهادء فأخرج ما كان قد ادخره من السلاح والأموال: وحشد ما استطاع من الجندء وعمر أسطولاً ضشماً شحنه بأنجاد البحارة والعدد والأقوات» ولم يكتف بذلك بل استكثر من فعل الخيرء وفي ذلك قال ابن عذاري : (فرد المظالم» وأسقط القبالات» وأخذ العشر طعاماء وترك لأهل الضياع راج سنةء وسماها سنة العدلء وأعتق مماليكهء وأعطى فقهاء القيروان

() انظر ابن عذارى: المصثر السايق اجة من 03٠١7‏ كذلك ابن عذارى: المصدر السابق 1 صض١"؟ ١‏ أبن خلدون: المصئر السابق اج ص2 +*5: ا د. سسلق زَغَلول عبد الحميد : المرجع السايق ١‏ صريثلا؟ وما بعذها.

+

ووجوه أهلها أموالا عظيمة ليفرقوها في الضعفاء والمساكي 0 وأما أبن الأثير فيقول: (تصدق بجميع ما يملك ووقف أملاكه جميعها)!'"» وحينما فرع من ذلك»ء واطمأن على سحسن إعذداد أسطودله وقواته ؛ زود أبنه أيا العباس بآخر نصائحه وتوجيهاته» ثم غادر رقادة إلى سوسهء فدشملها في أول سنة 789ه (وعليه فرو مرقع في زي الزهاد”"» حيث أبحر بقواته إلى صقلية.

وتتضارب روايات المؤرين في تعليل سبب هذ! التحول في حياة الأمير إبراهيم: فما يفهم من روأية ابن الأثير أنه كان بوازع ديني وأنه قصد به التقرب إلى الله سبحانه وتعالء 0 وأما ابن عذاري فيقول: (وفي سنة 89 أظهر صاحب إفريقية إبراهيم بن أحمد التوبة لما استقام أمر أبي عبد الله الداعي بكتامةء فأراد إبراهيم بن أحمد أن يرضي العامة» ويستميل قلوب الخاصة بفعله”©»: أي أن الدافع لذلك كان سياسياً الهدف منه استمالة قلوب الرعية حيئما شعر بخطر الدعوة الفاطمية الذي بدأ يهدد دولته وقتثذل بعد نجاحها في قبيلة كتامةء في حين يقول ابن خلدون ثقلا عن الرقيق القيرواني أنه في سنة 84؟ه/ 9501م قدم (رسول المعتضد بعزل الأمير إبراهيم لشكوى أهل تونس به فاستقدم ابنه أبا العباس من صقلية وارتحل إليها مظهراً الغربة والانتجاع)!"؟: أي أن هذه التوبة كانت

() أبن عذارى: المصدر السابق ج١1‏ صض١أ؟١‏ وما بعدهاء انظر كذلك ابن الخطيب: المصدر السابق قا ص4" وما بعدها.

)6 ابن الأثير: المصدر السابق ج5” ص .

(*)» ابن الأثير: المصدر السابق 5 ص28 .

(5) ابن الأثير : المصدر السابق 2" عن9.

(0) ابن عذارى: المصدر السابق ج! ص١١‏ .

(5) أبن خلدون: المصدر السايق جة ص .7١‏

1

بسبب عزل الخليفة العباسي له من الحكم وتوليته أبنه أبي العباس بدلا منه نظرآ لبطشه بأهل مدينة تونس إبان إخماد ثورتهم الثانية في سنة ١164ه/‏ كما سبقت الإشارة إليهء ويقول في موضع أخمر أن نجاح الدعوة الفاطمية كان سبباً (من الأسباب التي دعته للتوبة والإقلاع والخروج إلى صقلية)!.

ويمضي ابن خلدون في هذا التعليل قائلاً: (وبعث إبراهيم رسوله إلى الشيعي باتكجان يهدده ويحذره فلم يقبل وأجابه بما يكره فلما قربت أمور أبي عبدالله وجاء كتاب المعتضد لإبراهيم كما قدمناه أظهر التوبة وعضى إلى صقلية... وكان إبراهيم قد أسر لابنه أبي العباس في شأن الشيعي ونهاه عن محاربته وأن يلحق به إلى صقلية إن ظهر عليه”"”. أي أن الأمير إبراهيم خرج إلى صقلية شيه هارب من أبي عبد الله الشيعي نظراً لأن اليأس قد تطرق إلى نفسه من جدوى مقاومته حتى أنه نهى أبئه وخليفته عن حربه وأسّر إليه يدعوه لللحاق به إن ظهر عليه حسب هذه الرواية.

وينفرد أبن الخطيب في روايته بأن جعل هذه التوبة في سئة 85اه/ هم أي قبل الوقت الذي اتفقت عليه المصادر التى اطلعت عليها يما يزيد عن الأربع سنوات إِذْ يقول: (وفي سنة أربع وثمانين أظهر إبراهيم بن أحمد التوبة» وأزمع الخروج إلى الجهاد بصقلية ورفض الملك)”” ثم يؤيد ابن خلدون في أن يأسه من جدوى مقاومة الدعوة الفاطمية كان هو الدافع لمغادرته إلى صقلية حيث يقول بعد أن بسط محاورة رسول الأمير إبرأهيم

(1) ابن خلدون: المصدر السايق ج4 ص 7٠١‏ وما بعدها. (5) أبن خملدون : المصدر السايق جء هن ١8‏ 1. إقرة أبن المخطيب:» : المصدر السابق فق ص 7#

لبي عبدالله الشيعي : (فلما بلخ إبراهيم قوله [أي قول أبي عبد الله]ء ووصفت 0 صفتة ؛ رقب أنه صاحب قطع دعوتهء وكان له علم من الحدثان)”'؟ء وبصرف النظر عما يمكن أن يوجه لهذا القول من نقدء فإنه من الواضح أن ذلك وهم من أبن الخطيب في سنة التوبة؛ فإن لم يكن ذلك تميقا من التساخء فزنه يكون قد خطلط بين وقت قدوم رسول الخليفة إليه في المرة الأولى في أعقاب ثورة مدينة تونس كما سبق ذكره. وقدوم الرسول الآخر في سنة 44؟ه/ ١01١1م.‏

وما يبدو لنا من المقابلة بين روايات هؤلاء المؤرخين أن هنالك تحاملة واضساً من فريق منهم على الأمير إبراهيم لاستنادهم إلى رواية الرقيق القيرواني التي سأتعرض لها فيما بعدء فخررجوا بهذه التعليلات التي تتمق مع هذا التحامل» في حين أن الفريق الآخر الذي جعل عزمه على الخروج إلى صقلية والتفرغ للجهاد هو تقرب إلى الله سبحانه وتعالى صدر عن نيه صادقة في العمل على مرضاته كان ينظر إلى هذ! الموضوع من زأوية تجرر فيها من رواية الرقيقء وفي اعتقادي أن وجهة نظرهم هي الأصحء إذ أن كلد من روايات الفريق الأول تحمل في طياتها أسس نقضها الأمر الذي 5 سدع المجال لبسطه هنا بطبيعة الحال.

وأيأ كان الأمرء فإن الآمير إبراهيم أتجه عندما وصل إلى صقلية إلى هديتة ترطنوأ (سحصةه51) و.حاصرها حتى فتحهاء ثم سار إلى مدينة طرابئش وأقام فيها سبعة عشر يومأء ومتها سار إلى يلرم وأقام فيها أريعة عشر يوماء وفي كلتا المدينتين كان يتألف القلوب بما أظهره من رثى وتدين وعدل ورد للمظالم» ويجمع الرجال ويستتهض الهمم وييىي* التقوس للجهادء ويوزع الأرزاق والمخيل والسلاح على المجاهدية فاعطى

سس مسمس مسي مس

و١‏ إبن اليخطيية : المصتر السابىق ق7 ص5 7.

١ بعد‎

الفارس عشرين ديناراً والراجل عشرة دنائيرء وعججل الأرزاق لغزاة البحر”'©: ولم تكد تمضي بضعة أيام حتى دب الحماس في تفوس المسلمينء والتقوا من حولهء وحيتذاكء بدأ في تلفيذ مشاريعه الجهادية» والتي استهلها بالزحف على مدينة طبرمين تلك المدينة الحصينة التي طالما أستعصت على ولاة صقلية وقوادهاء وكان فتحها أمنية عزيرة على المسلمين .

وتسربت أتباء هذا الزحف إلى أهل تلك المديئةء»ء فسارعوا إلى الاستعداد للدفاع عن بلدهمء وأحدقت الجيوش الإسلامية بالمدينةء وفي صباح أليوع الثاني والعشرين أو الثالث والعشرين من شعبان سنة 589ه شنت عليها هجوماً شاملا إلا أن مناعة أسوارها واستماتة أهلها في الدفاع اضطرتها للتراجع عنها في منتصف الئهار”"'» ولتنستمع إلى الزبيدي وهو يروي حوادث هذا الهجوم في معرض ترحجمته للطلاء المعجم الذي شهد هذه الحرب مع الأمير: (...وشهد حرب طبرمين» وأقام الطالع يوم فتحهاء وقد انصرف إبراهيم عن حربها منتصف النهارء تأعلمه أنه يفتحها للوقتء ونظر إبراعيم أيضاً في ذلك فوافقهء وكان إبراهيم ينتحل علم النجامة» فعاود الحربء ففتحها للوقت"» وأما ابن الأثير فيقول في روايته أنه حينما أعد الأمير قواته للهجومء أنخذ القراء المرافقون له في قراءة الآيات القرانية التي تحضى على الجهاد لحث المسلمين على بذل أرواحهم -- في سبيل الله - ( فقرأ القارى:: «إنا فتحنا لك فتحاً مبيثاً»»؛

9) انظر اين الأثير: المصدر السايق ج” صرهةء كذلك التويري: المصدر السابق جا ورقة79١‏ د. سعد زغلول عبد الحميد: المرجم السابق ج؟ ص781.

(؟6 أنظر ابن الأثير: المصدر السابق جع ص 5.

(7» الزبيفيى: المصفر السابق ص27 ؟.

١١مل‎

فقال الأمير: اقرأ: «هذاإن خصمان اختصموا في ربهم» فقرأ فقال: اللهم إني أختصم أنا والكفار إليك في هذا اليوم وحمل ومعه أهل البصائر فهزم الكفار وقتلهم المسلمون كيف شاؤوا ودخلوا معهم المدينة عنوة فركب بعض من بها من الروم مراكب فهربوا فيها والتجأ بعضهم إلى الحصن وإحاط بهم المسلمون وقاتلوهم فاستنزلوهم قهراً وغتموا أموالهم وسبوا ذراريهم لسبع بقين من شعبان وأمر بقتل المقاتلة وبيع السبي والغنيمة)0؟. وكان لفتح الأمير إبرأهيم لطبرمين صدى عظيم في الدولة البيزنطية. ذلك أن هله المدينة كانت أخر معقل هام لهم في صقلية وقاعدتهم الكبرى في حروبهم مع المسلمين» ويتضح ذلك مما يقوله ابن الأثير عن مدى حزن الإمبراطور البيزنطي وتأثره العميق حينما علم ينبأ سقوطها في يد المسلمين حيث يقول: (ولما اتصل الخبر بفتح طبرمين إلى ملك الروم عظم عليه وبقي سبعة أيام لا يلبس التاج وقال: لا يلبسن التاج مححرون)؟) فيكون بذلك قد أعلن حداداً رسميا في أنحاء إمبراطوريته وبدأ في ذلك

يسيك

وكاب وشع ذلك الحادث على روم صقلية أشد»ء إِذ شعروا بأنهم أصيبوا يضربة قاصمة» وأن إقامتهم فيها أصبحت مسألة وقت ئيس إلآء فأخذدت التي بثها في المنطقة دون مقاومة تذكرء ومنها ما وجد اليا بعد أن جلى

)١(‏ ابن الأثير: المصدر السابق ج” صرة وما يعدهاء كذلك النويري: المصدر السابق اج ورقة +١9١‏ ابن خخلدون: المصدر السايق ج4ة ص# 270 د. سعد رُغلول عبد الحميد: المرجع السابق ج؟ ص831؟ وبعدها.

(؟) ابن الأثير: المصدر السابق ج” صل»ء انظر آيضاأ التويري: المصدر السابق ج7؟ ورقة 177.» دكتور سعد زغلول عبد الحميد: المرجع السابق ج7 ص 781.

َك

أهله عنهء فسقطت ميقش في يد حفيده أبي مضر زيادة الله بن أبي العباس. كما سقطت دمنش في يد ابنه أبي الأغلب» ورمطه في يد أبي مضر أيضاء وألياج في يد قائده سعدون الحلوي: وكانتا قد عرضتا الصلح على دفع الجزية للمسلمين» إلآ أن الأمير إبراعيم رفض إلآ أن يتسلم حصونهاء فلم يجد أهلها بدا من الإذغان لهذا الشرطء تأخحذهما المسلموتن وهدموهما'': وهكذا يكون الأمير إبراهيم هو الذي استكمل فتح صقلية واستبرأها من البيزنطبين» وهي مأثرة سجلها له التاريخ .

وبعد هذا الإنجاز الضخمء أخذ يتأهب لحبور مضيق مسيني إلى جنوب إيطالياء ويبرز هنا سؤال يطرح نفسه هو ما الذي كان يهدف إليه الامير بنقل عملياته العسكرية إلى البر الإيطالي؟ هل كان لتعبيث الفتح الإسلامي في تلك المناطق وتمهيد الأمور ونشر الاستقرار فيها كما فعل في صقلية ايقطع على البيزنطيين أي أمل في العودة إليها من جهة ويحمي جناح المسلمين في إقليم بروفانس ويشد أزرهم لاستثئاف فتوحاتهم فيه من جهة ثانية»ء أم أن طموحاته ذهبت إلى أيعد من ذلك؟ وللإاجابة على هذا التساؤل نرى ضرورة العودة إلى رواية ابن الأثير التي نعتقد أنها تسلط قدراً من الضوء على هذا الموضوح والتي جاء فيها: (... وتمحركت الروم وعزموا على المسير إلى صقلية لمنعها من المسلمينء فبلغهم أنه سائر إلى القسطنطينية فترك الملك بها عسكرا عظيماً وسير جيشاً كبيراً إلى صقلية)!'.

وبدراسة هذا النص يتبين لنا - إن صحت الرواية - أن أثباء وصلت

)1١(‏ ايبن الاثير: المصدر السابق ج" صراء أنظر أيضة النويرى : المصدر السابق جم ؟؟ ص 5 355ء كث. سعد زغلول عك الْيحميك + العرجم السابق جم ؟ ”87 ؟ , 0 أبن الأثير : المصدر السابق ج” حي" .

1١١+

الإمبراطور البيزنطي بعزم الأمير إبراهيم على التوجه إلى القسطنطيئية الأمر الذي جعله يحشد جيشاآ كبيراً للدفاع عنها» وبالتالي يحد من قدرات الجيش الذي أرسله إلى صقلية» فهل كان تسريب هله الأنباء لعبة ذكية من الأمير ليشغل الإمبراطور بالاستعداد للدفاع عن عاصمته ويصرف نظره عن صقلية وجنوب إيطالياء أو على الأقل يجعله ذلك ينازل المسلمين بجزء يسير من طاقاته وليس يمعظمهاء أم أنه كان يعتزم بالفعل التوجه لمهاجمة القسطتطينية؟ هذا ما لا نجد غي المصادر التاريخية المتيسرة ما يرجح أي من الافتراضين على الا خمر .

وعلى أية حال. فإت صح الافتراض الأولء فإن ذلك يؤكد بعد نظر الأمير إبراهيم وسعة أفقنه وحتكته السياسيةء» ذلك أن شغل البيزنطيين بالاستعداد للدفاع عن عاصمتهم يعني غلى أيديهم عن التدخل الفعال في الحرب في جنوب ايطاليا إن لم تقل إبعادهم عن ساحة المعركة وهم الخصم القوي الذي لن يقفا في وجه المسلمين غيره في تلك المنطقة» وبالتاليى إطلاق يد الأمير إبراهيم في إيطاليا كلها التي كانت وقذ تعاني من التمزق والتزاعات الداسلية بين الحكام المحليين.

وإن كان الافتراض الثاني هو ما دار في مخيلة الأمير إبراهيمء وهو الأمر الذي لا نستبعده ولا نعتبره ضرباً من خميال ابن الأثير على صعوية تنفيلمء فإن هذا الأمير يكون قد طمح لتسحقيق أمنية عزيزة على رجال الحرب والسياسة المسلمين منذ عهد معاويةبن أبي سقيان» ولعله يذلك يكوث قد تبنى فكرة لحاكم عظيم سابق لإفريقية هو موسى بن نصير الذي تردد العديد من مصادر التاريخ الإسلامي أنه كان يصبو للوصول إلى دمشىق مركز اللخلافة الأموية عن طريق القسطنطينية» فإذا كان الكثير من المؤرخين

3 5 * عع ها ١‏ لدم يستيعدو! ذلك عن عوسى بن نصيرء فلماذا ستبعده عن الأمير إبرأهيم !

اليل

ولو عقدنا مقارنة بسيطة بين الأميرين لوجدناها تميل في صالم الأمير إبرأهيم .

فالأمير إبراهيم بعد أن نذر نفسه للجهاد لم يكن يقل حماساً لخدمة الإسلام عن سلفهء كما أن الجيش الذي كان يقوده بعد أن نفخ فيه روحم الجهاد لم يكن يقل عن جيش موسى بن نصير أيضاً عزماً وتصميماً واستماتة في سبيل الإسلام إن لم يكن أفضل منه تسليحاً وقدرةء وإذا كانت البحرية الإسلامية في عهد موسى لا تزال وقتئذ في طور النشأةء فإن الأسطول الأغلبي كان قي عهد الأمير إبراهيم أفضل تدريباً وتسليحاً وتمرساً وخخبرة بشؤون اليحر بعد أن اكسب هذه الشبرة على مدى أجيال متعاقبة بيخاصة منل بداية العهد الأغلييى» وأثبت بالانتصارات الكثيرة التي أحرزها أنه ند للأسطول البيزنطي بل استطاع أن ينتزع منه السيادة على مياه وسبط البحر الأبيض المتوسط كما سبقت الإشارة إليه»ء وخصصندا الأسطول بالذكر لأنه سيكون له الدور الأكبر في تنفيذ هذا المشروع سواء في نقل الجند أو المساندة وإحكام الحصار.

وبالإضافة إلى ذلك» فإن هنالك ثمة ميزة أخرى تميز بها عهد الأمير إبراهيم عن عهد سلفهء هي أن جزر وسط البحر الأبيض المتوسط وهي القواعد ومحطات الاستراحة المحتملة للأسطول الأغلبي في الطريق إلى القسطنطينية كانت إسلامية وما لم تكن كذلك كانت مسالمة للمسلمين بيئما كان معظمها في عهد موسى تحت السيطرة البيزنطية» وهو أمر له دلالته الهامةء إذ أن الأسطول الأغلبي يكون في هله الحالة مطمئناً إلى وجود قواعد إمدادات له في حين أن أسطول موسى كان يفتقر لمثلها إن لم نقل أنها كانت تشكل معوقات كبيرة له» ولا يحتج بوجود الأسطول الطولوني في شرق البحر المتوسط ممأ يحمل في طياته إحتمال نشوب اشتياك بين

١1

الأسطولين لفتور العلاقة بين الدولتين» ذلك لأن البيزنطيين أعداء لكلا الفريقين» فضلاآً عن علاقة حاكميهما بالخلاقة العياسية بوصفها واليين من ولاتها من وجهة النظر الرسميةء وبناء عليه» فهو إن لم يقفا موقف المسائد للأسطول الأغلبي وهو الاحتمال الأقربء فإنه على الأقل سيلتزم جائب التحياد .

لكل ذلكء وما دامت الظروف كهذه» فإننا وكما أسلفنا القول لا تستبعد أن تكون فكرة مهاجمة القسطنئطينية قد خخطرت للأمير إبراهيم؛ إما لحماية إفريقية وما يتبعها من ولايات وتخليص المسلمين من الخطر البيزنطي الذي لم يكن منل الفتصم يتهددهم غيرهء أو للحج عن طريقهاء فيذهب إلى الديار المقدسة بعد أن يكون بفتحها قد أدى للإسلام والمسلمين خدمة جليلة أو ريما للآمرين معاء وليس ذلك فحسبء وإنما لا تستبعد أيضاً أن تكون قد خطرت اله فكرة فتحم روما المديئة العتيدة والأقرب بالنسبة ثهء» والأسهل منالا بعد هزيمته للبيزنطيين» وأن عبوره لمضيق مسيني كان لتحقيق هذ! الهدف لا سيما وأنه سبق لمسلمي إفريقية أن اقتحموها في عهد جده أبي العباس محمدبن الأغلبء» وظل الجيش الأغلبي يتردد بين المديئة وأحوازها نحو شهرين'؟: فإن صحت رواية ابن الأثير وبالتالي صم هذان الافتراضان» فإن طموم الأمير إبراهيم قد سما به إلى أن يكون هو الفاتح لهاتين المدينتين العظيمتين»: ثم يتخذهما طريقاً له إلى مكة المكرمة»: إنها فكرة جريئة إن لم نقل أنها خخيالية» ولكن أوئيس كثيراً من الأعمال العظيمة كان أساسها أفكار جريئة بل ربما بدت للبعض أنها خيالية؟

١1

(كلابريا) في رمضان 1744ه/ سبتمبر 4*7م وأتجه إلى مدينة كستتة متدووهت عازماً على فتحهاء لذلك رفض الصلح الذي عرضه عليه أهلها» وي 58 شوال/ أكتوبر نزل بجيشه في واديهاء وبدأ في توزيع أبناثه وأحقاده وقواده في السرايا على أبوايها أوحكام الحصار عليهاء» وغي تتلك الأثناء داهمه مرض الذرب «(الديسوتتاريا) مما اضطره لاعتزال مباشرة القتال بنفسه والبقاء في المعسكرء وبالرغم من أن جيوشه أخذت تشن الهجوم عليها تلو الآخر ومجاتيقه تدك أسوارهاء إلا أن ابتعاد الأمير عن ساحة المعركة حتى (امتنع منه النوم وحدث به الفواق'"2» كان له أثره القوي في هبوط معنويات الجند وتثبيط هممهمء فلم يجدوا في القتال كما يقول ابن الأثي 90).

ولم تزل العلة تشتد به إلى أن أسلم الروح في ليلة السبت ١8‏ من ذي القعدة 144ه/ 58 اكتوبر 407م2 فاجتمع قواد الجيش وأسندوا الأمر إلى جياه أبي عير زيادة الله بن أبي العياس الذي عرض الصلح على أهل المدينة الذين لم يكونوا قد علموا بوفاة الأمير إبراهيمء على أن يدفعوا له الجزية فقبلوا بذلك وعقد الصلعمء فانسحب أبو مضير بالجيش وعاد إلى برع مصطحباً معه جشمال لدذهة؛ حيثك أرسل منهأ إلى القيروات لَيدفن بها كما يقول اسن الأثي ويؤيده في ذننك أبو الفدا؟ وأسن أبسي

)١(‏ ابن الأثير: المصدر السابق.

(49 أبن الأثير : المصدر السابق ج” صرت“ انظر كذلك النويري: المصدر السايق اج؟؟ ورقة ؟1١اء‏ أبو الفذا: المختصر في تاريخ البشر ج” ص١0‏ وما يعدهاء ابن خلدون: المصدر السابق جة ص4 ١؟.‏

(5) ابن الأثير: المصدر السأبق ج” ص .

(2)» أبو الفدا: المصدر السابق ج7؟ ص*5 وما بعدعاء كذلك الوزير السرّاج: الحطذل السندسية: ج١1‏ ق5 ص 86غلم.

ديار ؟ء إلذين أنذنا برواياتهم ٠‏ ما النويري " فيقول أنه دفن في بلرم؛ ويؤيده في ذلك أبن علدون0؟ » وين عذاري!؛ 1 وبذلك طويت صفسة هذا الأمير العظيم بعد حياأة حافلة بالأعمال الجليلة والحوادث اللجسام . إبرأهيم الثاني في نظر التاريخ :

كان لا بد لسيرة حاكم كالأمير إبراهيم حفل عهده الطويل بالحوادث التجسام من أن كثير الخلاف بين المؤرخين والكتاب كما يحدث عادة بالنسبة لكبار الرجال» فكان منهم المقرض» ومنهم المستحسن لبعضها والمستنكر لبعض آخرء ومنهم المغرض الذي استهواه تصيد بعض الهنوات فلم ير غيرها وحولها تهمأ شنيعة ألصقها به لغرض في نفسه» فهو في نظر الفقهاء والصالحين جائر ظالمء لأن هؤلاء يقيمونه وفق مقاييس لا تكاد تنطبق إلآ على الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم.

وهو في نظر السياسيين»ء سياسي بارع يتصف بالحزم وبعد النظر والكفاءة الإدارية العالية» وفي نظر العلماء ليس عالماً فحسب» وإنما راعي نهضة علمية مباركة» وعند المهتمين بالحركة الحضاريةء أحد أهم بناة صرح حضارة إفريقية الأغلبية التي كان لها آثر قوي في حركة الحضارة العربية الإسلامية في غرب العالم الإسلامي » وله مكانته السامية عند المهتمين بالجهاد وحركة الفتوحات الوسلامية.

وآما بالنسبة للمؤرخين» فابن الأثير رأى فيه الحاكم العادل الحازم في

. أبن أبي ديثار: المؤنس ص67‎ )١(

(*) التويري: المصدر السابق ج؟؟ ورقة ؟١١.‏ (99) ابن شبلدوث: المصدر السابق ج1؟ ص4 ١؟.‏ (5) ابن عذاري: المصنر السابق ج١‏ ص؟؟؟.

16

أموره الذي أمن البلاد وقتل أهل البغي والفساتء والذدي كان يجلس لتلعدل في «جامع القيروان فينظر في ظلامات الرعية وينصف المظلوم من الظالم كما سيقت الإشارة إليه 4 و نتصبقه أن خلدوت بشو له : (وقاع بالأعر سر قيام فأمنت البلاد”''» ويقول عنه أبو الفدا: (...وفتح الفتوحات العظيمة» وجاهد في أبله سحق اسجهاده. . . وكان له فطية عظيمة وتصدق بجميع مألهع ويكرر الوزير السراج تق هل! انقوف وأما أبن أني ديئار فيقول عنه: (وكان ذأ فطنة عظيمة وصاحب معروفا. . .ودإنت له البلاد وصلح حالها في أيامه)؟* ,

.7١ ابن خلدون: المصنر السابق ج ص‎ 4١(

(؟) أبو الغدا: المصدر السابق جا صص51.

9 الوؤير السراج: المصدر السابق ١‏ ق2 ص اثم.

(5) ابن أبي ديئار: المصدر السابق ص27 وأما الفطنة العظيمة التي وصفه يها حؤلاء فييرهن عليها ابن الأثير بحادثة يرويها ننقلها فيما يلي: (وكان له فطنة عظيمة بإظهار عضايا العملات #فمن ذلك» أن تاجراً من أعل القيروان كانت له امرأة جميلة صمالحة عفيفة فاتصل خبرها بوزير الأمير إبراهيم فأرسل إليها فلم تمجبه فاشتد غرامه بها وشكى حاله إلى عجوز كانت تغشاء وكانت أيضاً لها من الأمير منزلة ومن والدته منزلة كبيرة وهي موصوفة عندهم بالصلاح يتبركون بها ويسألونها الدعاء فقالت للوزير: أنا أتلطف بها وأجمع بينكما وراحت إلى بيت المرأة فقرعت إلباب وقالت: قد أصاب ثوبي نجاسة أريد تطهيرها فخرجت المرأة ولقيتها فرحبت بها وأدخخلتها وطهرت ثوبها وقامت العجوز تصلي فعرضت المرأة عليها الطعام فقالت: إني صائمة ولا بد من التردد إليك ثم صارت تغشاعاء ثم قالت لها: عندي يتيمة أريد أن أحملها إلى زوجها قإن خف عليك إعارة حليك أجمّلها بها فعلت»: فأحضرت جميع حليها وسلمته إليها قأخذته العجوز وانصرفت وغابت أياماً وجاءت إليها فقالت لها: أين الحلي؟ فقالت: هو عتد الوزير عيرث عليه وهو معي فأخذه عئي وقال: لا يسلمه إلا إليك فتنازعتاء فخرجت العيجوز وجاء التاجر زوج المرأة فأخبرته الخبر فحضر دار الأمير إبراهيم وأخبرء بالخبر» >

1415

وأما الرقيق القيرواني فيصفه بالظلم والقسوة المتناهية بسبب المرض السوداوي الذي أصابه» ويورد العديد من الحوادث التي ارتكبها للتدليل على صحة وجهة نظرم'؟: في حين ينقل عنه ابن خلدون قوله: (إنه كان جائراً ظلوما سفاكاً للدماء وإنه أصابه آخر عمره مالنخوليا أسرف بسببها في القتل)””'» ويؤيده ابن عذاري في ذلك إذ يقول في حوادث سنة 11/8ه: (وفيها قتل إبراهيم بن أحمد من أهل إفريقية من قتل بطراً وشهوة ...)20 وأما ابن الخطيب فيقول: (وكان إبراهيم بن أحمد قد بدأ أمره ببحسن السيرة» وسلوك المذاهب الحميدةء والتماس الخلل الكريمة» ثم عاد إلى الحافرةء وانقلب إلى ضد ما كان عليهء وفسد فكره لغلبة مزاج سوداوي ساءت له أخخلاقهء وتغيرت ظنونهء فأسرف في القتل. . .)20 ويورد عدة حوادث للتدليل على قسوته ثم يعلق على ذلك بقوله: (اللهم لا ترحمهء وضاعف عليه سخطك وعذابك الذي لا يعقبه رضاك ولا تمفحه

|| فدصل الأمير إلى والدته وسألها عن العجوز فقالت: هى تدعو لك: فأمر بإحضارها ليتيرك يها فأحضرتها والدته فلما رآها أكرمها وأقبل عليها والبسط معهاء ثم إنه أخل خاتماً من إصبعها وجعل يقلبه ويعبث بهء ثم إنه أحضر خصياً له وقال له: انطلق إلى بيت العجوز وقل لابنتها تسلم الحق إلذي فيه الحلي وصغته كل! وهو كذا وكذ! وهذ! الخائم علامة منهاء كُمضى المخادم وأحضر الحق؛ فقال للمجوز: ما هذا؟ فلما رأت السحق سقط فى يدها وقتلها ودقنها في إلدا وأعطى الحق لصاحيه وأضاف إليه شيئاً اخر وقال له: أما الوزير فإن انتقمت ٠‏ الأن يتكشف الأمر ولكن سأجعل له ذنباً آخر أخذه به فتركه مذه يسيرة ووجسل : جرماً آذه به فقتله) ,

)١(‏ انظر التويري: المصدر السابق ورتة 11 ومأ يعذها.

(5© أين خلدون: المصدر السايق جة ص5 .7١‏

() ابن عذاري: المصدر السابق ج1١‏ صن؟؟١.‏

(8» ابن الشخطيب: المصدر السابق ق” صنة؟.

١ 11

رحمتك'"2. ويورد ابن أبي الضياف هذه الحوادث تحت عئوان (هوس إبراهيم بن الأغلب وشناتعه) أطلق عليه في ثثاياها صفات الجهل والطغيان والعغشم والجبروت وها شابههاة؟*.

وهكذا يظهر التبأين بين هذه الأراء بوضوح الأمر الذي يفرض على الباحث المقابلة بينها بموضوعية وتجرد من كل غرض إلا محاولة الوصول إلى الحقيقة: والملاحظ. أن روايات الفريق الثانى من المؤرخين مردها جميعاً إلى رواية الرقيق القيرواني التي بسطها النويري في ١‏ ثهاية الأرب)ء فكانت مصدرها الرئيسي وبمثابة عمودها الفقريء إما بالتقل المياشر عن طريق الرقيق نفسه أو غير المباشر عن نهاية الأربء ومع أن الرقيق يعتبر ثقة عند مؤرخي المغرب الإسلامي القدامى والمحدثين على حد سواء في قسم كبير مما كتب» إلا أنه في معالجته لتاريخ الأمير إبراهيم تخلى عن مبد! الحياد والاعتدال الذي كثيراً ما اتصف بهء وبدا تحامله عليه في غاية الوضوح ويعود السيب في ذلك في اعتقادنا إلى علاقته بالدولة الزيرية التي كان حكامها في عهده لا زالوا ولاة للدولة الفاطمية على إفريقية والمغرب والتي قضت على الدولة الأغلبية وقامت على أنقاضها بعد مضي ما لا يزيد عن سبع سنوات فقط على وقاة الأمير إبراهيم» فهو قد نخدم الدولة الزيرية مدة تزيد عن ثلث قرن كاتباً في ديوان الإنشاء (الرسائل) أولاء ثم ارتقى في المناصب حتى ترأس ذلك الديوان أكثر من مرةء» ولذلك». لم يكن يتوقعم منه إنصاف من اعتبر صما للدولة التي كان يخدمهاءبل إن الغمز في هذا الخصم والتشنيع عليه مجاملة لمخدوميه هو أمر ربما أعتبره من مهام عمله.

(4 ابن الخطيب: المصنر السابق ق صر+*”. () ابن أبي الضياف: المصنر السابق جا ص ١47‏ وما بعذها.

١١م‎

وهكذا نجد أن هذا الغريق من المؤرخين أحذ رواية الرقيق على أتنها حقيقة مسلم بهاء مع أن المنطق يفرض أن تتخذ بقدر كبير من الحذرء فلم يحاول أي منهم تمحيصها مع أن بعضهم مثل أبن الخطيب مثلاً يورد في مواضع أخرى من تاريخه نصوصاً تحمل في طياتها أسس نقض ما رواه عن الرقيق من حوادث منكرة في رأيه وتبرز أنها ملغقة» ولم يتمكن النويري من تغفيف هذا التشنيع الموجه من الرقيق فيما رواه عنه من تلك اللحوادث التي استنكرها بتقسيمها إلى نوعين وضعهما تحت عنوانين كما يلي: -١(‏ ومن مساوىء أفعاله)ء (9-- ومن قبيح أفعاله!!؟» إذ بقيت كسوط جلاد ظائلم يجلد تاريخ الأمير إبراهيم بلا رحمة -حتى أدماه.

وعلى أية حال ققاد أجمع المؤرخون على تقسيم هده إلى شطرين : أولهما شمل السئوات السبع الأول من حكمهء سار خعلالها سيرة حسنة» فكان رفيقاآً بالرعية وأشاع العدل والأمن والاستقراره وأصلح الخلل في أجهزة الدولةء» وسحارب الفساد الذي كان ينخر فى بعضص قطاعات المجتمع » أما في ثأنيهما فيقول ذلك الفريق المتحامل من المؤرخحين أنه تغير شخلاله وترك الرفق واتبع أسلوب العنف والبطش بسبب وبغير سبب.

والحقيقة كما نراها أنه ينبغي التمييز بين حياته العامة وبحياته المخاصة» ونحن في ذلك نتفق مع الأستاذ الدكتور سعد زغلول عبد الحمين”**»: إذ أنه يعتبر من وجهة النظر العامة رجل دولة من الطراز الأولء فهو قد نجح في سياسته العامة في -جميع الائجاهات من اليوم الأول لولايتة -حيئما حارب أهل القصر القديم واعتلى سدة الحكمء إلى يوم وفاته مجاهدا في إيطالياء وقد عرف بأنه رجح العقل ؛ يعي النظر؛ تواقا إلى القيام بيجليل الأعمال

)١(‏ إنظر التويري: المصنر السابق ج؟؟ ص5 ١اوما‏ بعذها. 22 انظر د, سعد زغلول غيل المحميك : المرجع السابق ج؟ ص 2 1 أوهاأ بعدها .

15

سواء في ميدان السياسة أو التنظيم والإصلاحات الداخلية أو التهوض بالحركة الحضارية بشتى مظاهرها2». فحظيت إفريقية في عهده تبعاً لذلك بمكانة مرموقة إلى الحد الذي جعل بعض كبار عصره يرسلون السفارات إلى بلاطه لتوثيق الروابط بينهم وبيتهء مثل تلك السفارة التي أرسلها الإمبراطور البيزنطي وتلك التي أرسلها الإمبراطور الكارولئجي .

وأما حياته الخاصة» قبالرغم من طابع الاستبداد الذي اتسم به حكمةء شأنه في ذلك شأن حكام عصره الذين لم يكونوا يميزوت بين مصالحهم الذاتيه ومصلحة الدولة لارتباطهما في نظرهم برباط وثيق لا ينفصمء إلا أنه لم يكن حكماً غاشماء وإنما كان من ذلك النوع الذي يوصف في عصرنا الحاضر بالحكم الاستبدادي المستنيرء فقد كان هدفه الأسمى الذي عمل على تسقيقه بكل قواهء هو الحفاظ على سلامة دولته وتطويرهاً ويث روحم التجديد فيها ومدها بكل أسباب الرقي والتقدم والنهوض بها إلى المستوى الذي ابتغاءء وكذلك توفير الأمن والاستقرار والرفاهية لرعيته بشتى الوسائل» وضرب كل عابث عهما علا قدره بيد من -حديد. فمصلحة الدولة والرعية فوق كل اعتبار.

ومن هذا المنطلقء اشتد في معاملته في المخالفين لأوامره من ريجالاات الدولة والحاشية فضلاً عن الخارجين عليه من القواد وزعماء القبائل» إذ علمته التجارب أن المتنفذين وذوي الأقدار والأموال إذا أحسوا من أنفسهم قوة ولم يقمعواء لم يؤمن شرهم وبطرهمء وأنهم إذا كف الحاكم عتهم أمنواء دعاهم ذلك إلى منازعته وإثارة المشأكل في وجههء وإعمال السحيلة

"'؛ وريما التأمر عليه للتخلص منهء وفي سبيل ذلك» كان لا بد له

؛ أنظر د. سعد زغلول عبد الحميد: المرجم السابق ج؟ ص868١١.‏ ؟) أنظر د. سعد زغلول عبد الحميد: المرجم السايق سر؟ صن ١16وما‏ يعدها.

١ ٠

من أن يقع في بعض الأخطاءء والتىي ضخمها أعداء الأغالبة بخاصة دعاة الفاطميين ومن كانو! في خدمتهم بعد زوال الدولة الأغلبية السنية للتشنيع عليهاء وقد خص بهذا التشنيع والقدر الكبير من تشويه السيرة» لأن حظه شاء أن يكون هو الحاكم المعاصر لظهور الدعرة الفاطمية في إفريقية.

فمن المعروف أن من أول أسلبحة القائمين على دعوة جديدة في أي زمان ومكان» هو إثارة الرعية على الحكم القائم بتشويهه وإلصاق شتى التهم بالحاكم لتنفيرها منهء وبالتالي اجتذاب الناس لدعوتهمء فهي حرب دعائية تسبق الصدام المسلح ويستبيحها الدعاة ما دامت تؤدي إلى نجام دعوتهمء وإذا كان أبو عبد الله الشيعي داعية الفاطميين الأكبر قد وصل إلى إفريقية في سنة 71/84ه في رأي بعض المؤرخحين””) وفي سنة ٠148ه‏ في رأي بعض إخر”"'ء فإن من الطبيعي إذن أن يتعرض الأمير إبراهيم الذي عاصر هذه الدعوة ما يقارب التسع سئوات لهذه الحملة.

ومع أن المصادر التاريخية المتيسرة لا تلقي الضوء الكافيى على هذه الحرب الدعائية في عهد الأمير إبراهيمء إلا أنها تشير إليها بوضوح في عهد خليفتيه» وبصفة خاصة في عهد زيادة الله الثالث آخخر الأمراء الأغالبة: إِذْ تقول بعض هله المصادر أنه عند استفحال خطر أبي عبد الله الشيعي نتيجة للانتصارات العسكرية التي أحرزها لجأ زيادة الله إلى حرب الدعاية والتيى لن نعدو الحقيقة إذا قلنا أنها كانت رد فعل مضاد للدعاية الفاطمية» فكتب كتاباً أمر بقراءته على الناس في مختلف أنحاء البلادء يصف أبأ عبد الله فيه يالكفر وتبديل الدين وارتكاب المحارم» ولعن الصحايبة (رضي الله عنهم)ء واستحلال دماء المسلمين» إلى جانب اتصرافه إلى اللهو

.؟١ انظر على سبيل المثال ابن خخلدون: المرجع السابق ج4 ص‎ )١( (؟) انظر مثلاً ابن عذارى: المصدر السايق ج١ ص17 وما بعدها‎

١؟5‎

والعيث وشرب الخمرء كما حذرهم فيه (من إرجاف المرجفين *وتهويل المهولين آمر الفاسق اللعين»)'؟» ومن المعتقد أيضاً أن يكون الخليفة المكتفي بالله العباسي قد ازر الأمير الأغلبي في هذه الحرب بوصفه خليفة المسلمين الشرعي المُجمع عليه برسالة منه في أمر أبي عبد الله كتبت منها عدة تسخ أذيعت من المتابر وصفه فيها بما يشبه هذه اللأوصافء ويؤكد فيها ثقته بزيادة الله ويطلب من أهل إفريقية الوقوف إلى جانيه» وسواء صحت تنسبة هذه الرسالة لللخليغة أم لم تصح كما يرى القاضي النعمان!؟) الذي كان شيعياً متعصباً وتبوأ مركزا مرموقاً في الدولة الفاطميةء وإنها كتبت بأمر الأمير الأغلبيء فإن التحامل على أبي عبد الله الشيعي يظهر بجلاء في كلتا الرسالتين» الأمر الذي يجعلنا قياساً على ذلكء نعتقد بأن هذء الحرب الدعائية كانت قد بدأت في عهد الأمير إبراهيم وبالثاليى كان لها هذا الانعكاس السلبي على سيرته في مؤلفات الفريق الثاني من المؤرخين» إذ عرضته إلى أضعاف أضعاف هذ! التحامل والتشويه.

ومما يرجح ما ذهبنا إليهء أن ابن خملدون عندما تعرض لموضوع تقويمهء وصفه بالعادل والحازم وأنه قطع دابر البغي والفساد وأمنت البلاد في عهده كما تقدم ذكره وحينما وصفه بالجور والظلم وسفنك الدماء» أستد ذلك إلى الرقيق القيرواني مصدره الذي استقى منه هذه المعلومات» الأمر الذي يجعلنا نستشف منه أنه لم يرغب في تحمل مسؤولية هذا القول فأقصح عن صاحبه حيث قال: (هكذا قال ابن الرقيق)20©.

وبناء على ذلك» فإنه إذا كانت له أخطاء أو هفوات في ححياته الشخاصة»

انظر دكتور سعد رَغَلول حبك الحميك : المرجم السابق 8 صر انا 6 , )0 انظر صسبعف زغلول عيف الححميد : المرجع السابق جم ؟ سر ةا 2 , (9) أبن خلدون: المصدر السابق ج5 مرغ ١؟‏ .

١؟5‎

والتى بلا شك لاا يتحمل مسؤوليتها وحدهء وإنما هي نتيجة لتراكم عساوىء عديدة من عهود سابقة على عهده كما يرى الأستاذ الدكتور سعد زغلول عبد الحميدء فضلاً عن تضخيمهاء وإن منها ما نسب إليه افتراء إذ أن أبطالها شخصيات أعرى”؟ فإن له من الحسئات والأعمال المحمودة الكثير الكثير التي تتضاءل أمامها تلك الهفوات إلى حد أن الفريق الأول عن المؤرخين أسقطوها من رواياتهم» فتجد مؤرخنا الكبير ابن الأثير مثلاً» قد نظر إليه من زأوية -حياته العامة ولم يلتفت إلى حياته الخاصة رغم معرقته بما ذكره الرقيق عنه على اعتبار أنه قول ظالم وافتراء أو غير واقعي على أقل تقدير.

وعلى أية حال: يكفي الأمير إبراهيم إجماع المؤرخين على الشهادة له بحسن السيرة خلال السنوات السبع الأولى من -حكمه وهي تساوي عهدا بأكمله من عهود الكثيرين من أسلافهء كما يقول الأستاذ الدكتور سعد زغلول عبد الحميد”''؟» ثم سن خاتمته حيثما تاب وأناب وتنازل عن الحكم وتزهد ولبس الخشن من الثياب ووهب نفسه للجهاد حيث وإفته مليثة ممجأهلا في أرض العدو.

والحمد لله رابا العالمين

)١(‏ أنظر د. سعد زغلول عبد الحميد: المرجع السابق ج؟ ص؟12. (؟)6 انظر د. سعد زغلول عبد اللحميد: المرجع السابق س؟ ص158.

لفن

ام

لاه

هاس

نيت المسادر والمراجع ابن الأثير: (أبو الحسن عز الدين علي بن أبي الكرم محمد الشيباني) نت + اه الكامل في التاريخ. دار الكتاس العربي: شمر و سمه الطيعة الثالئةقء ١٠م8١ا.‏

أرسلان: (الأمير شكيب) . تأرييخ غزوات العرب في فرنسا وسويسراً وإيطاليا وعجزآئر البحر المتوسط » دار مكتية الحياةء بيروت» 1955.

البكري: (أبو عبيك عبد الله بن عبد العزيز الأندلسي) ات 4497ه. المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب» جزء من كتاب المسالك والممالك »؛ نشره دي سلانثء الجزائرء .15١١‏

أبن جشحل : (أبو داوم سليمان بن ديسا له الأندنسي) ركان ححياً سئة ه). طبقات الأطياء والحكماءع») تحقيق قؤاد سيد» هؤسسة الرسالة للطباعة والدشر والتوزيع» بيروات » الطبعة إلثانية» ه5١‏ . الجنحاني: (د. الحبيب). المغرب الإسلامي -- الحياة الاقتصادية والاجتماعية (4-7 هم 9-١1م).‏ الذار التونسية للنشرء 4/ا8 ١‏ . جوليان: (شارل أتدرى) , تاريخ إفريقيا الشمالية» ترجمة مسحمد مزالي والبشير سلاعه ؟؛ الذار التونسية للنشر» تونسى + كاوق أ ,

سين > (د. ممدوم) . إسمأعيل بن يو قب الطف"م المنجم عمد تلسيتج الكيميائيين بالقيروانء مجلة العربي»ء عدد 94”» آذار (مارس) كخرة أ .

8-- الحموى: (أبو عبد الله شهاب الدين ياقوت بن عبد الله4 بت 7ه. ممعريجت مم الملذات» دار صاأذر دار قمر ولكاء نير وياء “132 .2

4- الخشني: (محمدبن الحارث). طبقات علماء إفريقية» الجزائرء 65 .

-٠١‏ ابن الخطيب: (لسان الدين محمد بن عبد الله الستماني) ت "لالاه. أعمال الأعلام فيمن بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام وما يجر ذلك من ششبجون الكلامء الجزء الثالث.» تحقيق د. أحمد مشتار العبادي ومحمد إبراهيم الكتانيء»ء دار الكتابيء» الذار البيضاء» 8545 .

5 ابن خلدون: (أبو زيد ولي الدين عبدالرحمن) ت8١84ه.‏ كتاب العبر وديوان المبتد! والخبر في أيام العرب والعجم والبرير ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» طبعة بولاق» القاهرة» ١/1919م.‏

75 الدباغ: (أبو زيد عبد الرحمن بن محمد الأنصاري الأسيدي) ت 5ه. معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان» أكمله وعلق عليه أبو الفضل أبو القاسم بن عيسى بن ناجي التنوخي (ثتةع#ذه)ء " أجزاىء الجزء الأول: تحقيق وتعليق إبراهيم شبوح» مكتبة الخانجيء القاهرة ١9548‏ . الجزء الثاني: تحقيق د. محمد الأحمدي أبو النور ومحمد ماضورءه مكتبة الخانجيء القاهرة - المكتبة العتيقة: تونسء بدون تاريم. الجزء التالث: تحقيق وتعليق محمد ماضورء المكتبة العتيقة» تونس 15198 .

-١*‏ آبن أبي دينار: (أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم الرعيني القيرواني) (كان حي في أواخر القرن الحادي عشر للهجرة). المؤنس في تأريخ

حرى

غ1-

8 اسه

وه

-18

4 أ

إقريقيا وتونس + - تعحفقيق وتعليق 12-7 شسمام » المكتية العتيقةع تونس »ع شركة أ .

الزبيدي: (أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي الأندلسي)ات 4لالاه طبقات النحوين واللغويين ؛ تسحقيق 5267 أبو الفضل إبرأعيم ؛ دار المعارف دمتصر ) القأهرة ؛ يدوت تاريخ .

السراج: (محمدبن محمد الأندلسي الوزير) ات 44١١ه-.‏ الحلل الستدسية في إالأخبار التونسيةء تحفيق وتشديم مريجييل الحبيب الهيلة : الدار التونسية للنشره تونس»؛ */ا15ا.

سويسي: (نجاة باشا «ولدت4). التجارة في المغرب الإسلامي من القرن الرابع إلى القرن الثامن للهجرةء متنشورات الجامعة التونسيةء كلية الأداب والعلوم الإنسانية» تونس» 19795.

أبن أبي الضياف : (أبو العياس أحمك بن الحاج بالضياف بن عمر بن نصر) ات ١785١ه‏ إتحاف أهل زمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان» المجزء الأول» الدار التونسية للنشرء الطبعة الثأنية» تونس» 53 .

عبد الحميد: (د. سعد زغلول). تاريخ المغرب العربي» منشأة المعارف» الإسكندرية» 8/إ19.

عبد الوهاب: (حسن حسني) -خلاصة تاريخ تونس» الدار التونسية للنشرء تونس» 19975. - شهيرات التونسيات» مكتبة المنارء الطبعة الثانية» توئسء» .١9358©‏ - ورقات عن الحضارة العربية بإقريقية التونسيةء مكتبة المنارء الطبعة الثانيةء» تونس» 1917/75.

با‎

الت

8

8 “اب

ابن عذاري: (أحمد المراكشي) (كان حياً سئة ؟١لاه).‏ البيان المغرب في آأخبار ملوك الأندلس والمغرب» النجزآين الأول والثاني فى 4 مجلدات» منشورات دار الثقافة» بيروت: /19519. الممجلدين الأول والشاني: تحقيق ومراجعة ج. س. كولان. أ. ليفي بروفئسال. المجلد الثالث: تحقيق !. ليفي بروفتسال. المسجلد الرابع: تحقيق د. إحسان عباس .

عياض : (القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن) نت 55 6ه. ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك. مقتطفات مندء بعنوان: (تراجم أغلبية من المذارك)» تحقيق د. ميحصد الطالبيى؛ء نشر الجامعة التونسية» تونس ١958‏ .

أبو الفدا: (الملك المؤيد عماد الدين إسماعيل) ت #ا“الاه. المسختصر في تاريخ البشرء دار المعرفة للطباعة والنشر» بيروت» بدون تأريخ .

المالكي: (أبو بكر عبد الله بن أبي عبد الله) (كان حياً في أواسط القرن الخامس للهجرة). رياض النفوس في طبقات علماء القيروان وإفريقية وزهادهم وعبادهم ونساكهم وسير من أخبارهم وفضائلهم وأوصافهم» الجزء الأول» تتحقيق د. ححسين مؤئلس » مكتبة النهضة المصريةء القاهرة ١96١غع‏ والباقي مخطوط .

الئويري: (شهاب الدين أحمد) ت ##الاه. نهاية الأرب في فنون الأدبء الجزء الخاص يتاريخ المغرب والأندلس» مخطوط مصورء كلية الأداب - جامعة الإسكندرية رقم ؟7م.

هوبكنز (ج. فا. ب.). النظم الإسلامية في المغرب في القرون

م ؟ +١‏

الوسطى» تعريب د. أمين توفيق الطيبي»؛ الدار العربية للكتاب» ليبيا - تونسء ٠88١أ.‏

5- الوزان: (الحسن بن محمد المعروف بليون الإفريقي) ت (في حدود ٠م).‏ وصف إفريقيا الشمالية» تعريب عيد الرحمن حميدهء مرأاجعة د. علي عبد الواحد؛ نشر جامعة الأمام محمذبن سعود الإسلامية؛ الرياض». 148١ه.‏

مدل تاريخي ا ع ع ع ع ع ع )|

اعتلام أبرأهيم سيدق الحكم ماناعاه مجعم م مام عه ف مايه إقريقية في ظل عهد «جديد ع ع ع 0

متأعهب إبرأهيم الثاني > + + :+ : + + : : : : + » ع ع ع ا أصلاحاته المالية والإدارية > > + : > : : ع ع + : : 05

النهضة العلمية 0 العلوم الدينية واللسانية 0

العلوم العقلية والتجريبية م ملي أسشمجالا'س الكتب > > > + > ع ح > ج ح ح ع ا يل لي ا 0 00

جامعة بيت الحكمة اهام واعاقام د مام م مها مراع عار م مع

الموضوع رقم الصفحة صناعة الورق ع ع ع ع ع ع ع ع ع ع ع ع ع ع ع ا ع ا اي بل الحركة الفنية ا ع ا ا ا ااا ل اا ا 0 يرف استئناف حركة الفتوحات ع ع ع ع ع ع ع ع ع ل ع ا ا ورد إبراهيم الثاني في نظر التاريخ فعيية ميهي ةو في ةن فمنء نل مم ثم م. ١16‏ ثبت المصادر والمراجع ع ع ع ع ا ا ع ا ا ا إل